الكاتب : أحمد العوفي .
اليوم هو الاربعاء ، موعد اجتماع مجلس المعلمين في تمام التاسعة صباحًا، تشير ساعة مكتبي لحظة دخول الوكيل؛ إلى التاسعة إلا عشر دقائق: ” أستاذ أحمد :
الشباب بالانتظار ” بسم الله ” أخذت أوراقي، توجهت مع الوكيل لمكتبة المدرسة مقر الاجتماع ، مع دخولي سلمت بصوت عالي جهوري؛ لشد انتباه الزملاء ، جلست و بجواري الوكيل ، بصوت بطء مدود الكلمات افتتحت بالبسملة والحمد و الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم، لأعطي لنفسي مساحةً ؛ لإجراء مسحٍ بصريٍ للحضور، الجميع حاضرًا ماعدا” ساري”!! عكست اتجاه المسح تأكيدًا ، لبست نظارتي الطبية ، مددت بصري، وعنقي لكل زوايا المكتبة ، دققت النظر في دواليب الكتب التي تتالت بشكل عرضي، في الجهة المقابلة لي ، من خلف المعلمين، للبحث عنه بين فجوات الكتب التي رصت على أرففها بشكل رأسي ، محدثا نفسي ” لعله أنغمس في قراءة كتاب هنا أو هناك ” أرتد إليَّ البصر وهو حسير! فساري …… غير موجود !.
نظرت إلى الوكيل هامسًا مبتسمًا ” الرجال ما جاء !
رد بهمس : ” يمكن في الطريق”!! .
بدأنا اجتماعنا، أعطيت ما عندي، ثم سلمت للوكيل بقية وقت الاجتماع؛ لمناقشة التفاصيل مع الزملاء ، عدت لمكتبي ، أقفلت الدوام!! انتهى اليوم الدراسي ، في سجل الحضور، اسم المعلم الغائب ساري ، يوم الخميس لم يحضر ساري!! انتهى الأسبوع الدراسي ” عسى المانع خير “!!،
لم يكن الأمر بذلك السوء ، فهذا مما يحصل في العادة ، خاصة قبل عودة الطلاب، لكنه مزعج من ناحية إجراءات رفع الغياب.
بدأنا اسبوعنا يوم الأحد، استلم جميع المعلمين جداولهم، ومهامهم، أسندت لساري ” ١٢” حصة من مواد التربية الإسلامية، في نهاية داوم ذلك اليوم، وفي خانة اسم المعلم الغائب أيضًا ساري!
بدا الوضع محيرًا بزيادة هذه المرة، جزمت بنسبة كبيرة أن هناك خطبٌ ما!! وأنَّ ظرفًا قاهرًا منعه من الحضور ” الله يستر “!
تصارعت الاحتمالات في عقلي !! لا أخفيكم أنها ” سوداوية ” لم أكن ابحث فيها عن مبررٍ لغيابه فقط ” فالغائب عذره معه” بل عن سببٍ مقنعٍ لعدم تواصله، أو أحد من ذويه، مع المدرسة، أو مكتب التعليم، فلو كان مريضًا، أو موقوفًا؛ لوصلنا إشعارٌ بذلك !!، ولوكان ظرفًا خاصًا ؛ لتواصل هو أو أحد من أقاربه معي ، أو مع الوكيل، أو مع مكتب التعليم، قد يقول قائلٌ :” ربما لا يعرف وسيلة للتواصل “!! و الإجابة :” نعم هو دخل وخرج مسرعًا، ولم يأخذ رقمي، أو رقم المدرسة، ولم يتسنَّ لي أخذ رقمه، لكن الحصول على رقم المدرسة ليس بالمهمة المستحيلة التي تحتاج ” توم كروز ” فمجرد زيارة لموقع الإدارة العامة للتعليم سيجد أكثر من وسيلة تواصل”.
نهاية دوام يوم الاثنين ؛ لم يحضر ساري !! ثمانية أيام أتمها بما فيها ” الويكند ” !! هنا لابد من البدء في بعض الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات ، سجلت على تقويم الملاحظات المكتبي في خانة يوم الثلاثاء :” عاجل وهام ؛ الاجتماع مع الوكيل بخصوص غياب المعلم ساري “!!
صبيحة الثلاثاء كانت أول مهمة هي الاجتماع مع الوكيل، اجتمعنا ، أول قرار هو أن لا يتأثر الطلاب بغياب المعلم ، والعمل على إعداد جدول بديل ، فنحن نستعد لاستقبال الطلاب الأسبوع القادم ، كذلك إشعار مكتب التعليم بالجبيل خطابيًا بغياب ساري الذي تجاوز خمسة أيام ، والعمل على البحث عن وسيلة تواصل مع ساري ؛ للاطمئنان عليه ، ومعرفة سبب الغياب، تواصلت هاتفيا مع مكتب التعليم؛ لعلي أجد لديهم رقماً، أو ايميلًا ، كنت أعرف أنني لن أخرج بنتيجة ! ولن أجد أيّ رقم له في مكتب التعليم! فما وصلهم هي قرارات نقل من منطقة لمنطقة ، ومع ذلك طلبت من المكتب؛ أن يخاطبوا الإدارة العامة في المنطقة التي انتقل الينا منها، وكل هذا لألتمس العذر لنفسي ، بأنني بحثت فما وجدت ، فالاثنين القادم، يوم صادم بالنسبة لي ، يكون ساري بلغ المدة النظامية للرفع بالفصل في حالة الغياب، وهي خمسة عشرًا يومًا متواصلة ، تمنيت أن يعود قبل الاثنين؛ حينها سأَحْسِب له من هذا الغياب خمسة أيام اضطراري، من غير يومي الضيافة التي وعدته بها.
ليس من السهل الرفع بفصل موظف ، حتى لو كان هو السبب كصاحبنا ، لذلك اتفقت مع الوكيل أن نأخر الرفع بالانقطاع إلى صبيحة الاثنين بعد القادم؛ أي اسبوعًا آخر !! نعم هي مخالفة، ولكن من حقه فرصة أخيرة ! خاصة أن جدوله تم توزيعه.
في مساء يوم الجمعة حدث أمرٌقد يكشف سر هذا الغياب ، تمنيت ألا يكون صحيحًا ،اتصل بي أحد الزملاء الذين تحملوا جزءًا من حصص ساري على غير عادته ، وبنبرة صوت تشعرك أنَّ هناك خطب ماء؛ أخبرني نقلًا عن قريب له يعمل في الهلال الأحمر السعودي ، أن حادثًا وقع لمجموعة معلمين من الشرقية ،على طريق الرياض الأسبوع الماضي، وبالتحديد ضحى يوم الاثنين ، التالي لمباشرة ساري ، نتج عنه وفاة أثنين منهما! صدمني الخبر، فالموت خبر صادم ، استرجعت ، وحوقلت، أنهيت المكالمة ، برق سؤال في عقلي ، ودار نقاش في نفسي، هل ساري أحدهما؟! لم لا ؟! هناك احتماليةٌ ضعيفةٌ أن يكون أحدهما !! فانقطاعه بهذه الطريقة يزيد الشكوك !! لا إراديًا أخذت أمسح ذقني بيمني ، وأنا أفكر كيف اتأكد ؟! عمومًا” يا خبر اليوم بفلوس ؛ بكره ببلاش “….. يتبع .
رابط الجزء الأول : https://shababeks.com/2021/06/12/th-16/
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com
التنبيهات/التعقيبات