بقلم / #ضحى_المطيري .
في المحكمة العامة ، يوم الأحد ، الساعة الثامنة صباحاً ، أمام المصعد المخصص للنساء والعوائل ، والمزدحم غالباً في هذا الوقت و هذا اليوم من كل اسبوع، وكأن جميع الجلسات تكدست لتكون في يوم واحد ووقت واحد.
أحدهم لا يتجه باتجاه المصعد على عكس معظم الداخلين للمحكمة من أجل حضور جلسات قضائية ، يداهم سمعي صوت خطاه المختلفة عن خطى الغير في هذه الفوضى .
يجري بسرعة ويتلفت يمنه ويسره ، ويسأل كُل من يصادفه بنفس الطريقة المكررة ، يمدّ لمن يُصادفه أوراقه ،ويكرر نفس السؤال ؟
– لو سمحت هلا دللتني على هذا المكان المذكور في هذه الورقه؟
البعض يجتهد بقراءة المعلومات المذكورة في الورقة ويخدمه بإجابته ، وآخرون لا يتنازلون حتى بالنظر إليه ، وأكثر من سألهم يرد عليه بنفس الصيغة ..
_أنا جديد على هذا المكان ، هناك رجل الأمن اسأله.
تكراره للسؤال يشعرك أن السائل غير مدرك لإجاباتهم ، وكأنه بالفعل لا يسمع أصواتهم.
في ساعات الصباح الباكر تستفزني كثرة الكلام ، وكثرة الأسئلة ، وهذا الشخص تحديداً كانت طريقته مستفزة لي نوعاً ما وفي داخلي شيء يقول : ماذا فعلت لأعاقب بمن يعكِّر صباحي من أوله .
حاولت تجاهل هذه الطاقة السلبية ، و دخلت المصعد أخيراً ، متجهة لمكان جلستي وانتظرت بالمكان المخصص للنساء والذي لا يفصله عن مكان انتظار الرجال إلا حاجز خشبي لا يمنع وصول الصوت .
لم أتذمر من هذا الحاجز الخشبي بأنه لا يفي بالغرض إلا في ذلك اليوم ، الذي بدأ يعلو فيه صوت أحد الأشخاص ويثرثر ويسأل ؟
نبرة الصوت نفسها التي سمعتها للتو بالأسفل ، ولكن السؤال تحول عن المكان للقضية التي أتى من أجلها .
بمجرد سماعي للصوت تذمرت منه ، وتعجبت من أنه مازال هناك أناس تجهل أو تتجاهل طريقة التعامل والحديث في الأماكن العامة ، وتتعمد رفع صوتها ، وكأن هذا المكان لاحرمة له و كأن جميع الجالسين سُخروا من أجل خدمته !
ولكن قضيته التي بدأ بسرد أحداثها كطفل صغير ، وغصة تغزو حديثة ربما كان يجهل أنها ظاهرة بين حروفه ، جعلتني أضع مابين يدّي من أوراق لأسمع كامل القضية .
لم أكن أسترق السمع ، وطالما كرهت من يحملون هذه الصفة السيئة ، ولكن صوته اخترق ذلك الجدار الخشبي ليغزو سمعي شئت أم أبيت !
في مواقف كثيرة نكون قادرين على تمييز الظالم من المظلوم ، وليس التمييز ناتج عن قوة الحجة ، بل عن تلك النبرة الصادقة التي يصعب تمثيلها، ولو كانت الحجج واهية في نظر الكثير .
بالتأكيد يستحيل الحكم لأحدهم من دون معرفة ملابسات القضية وسماع الحجج من طرفيها ومعرفة الأدلة .
إلا أن هناك قضايا لا تجد لها مبرر ، لأنها قائمة ومبنية على ثقة متينة ، ولو جاء من في الأرض جميعاً ليحاولوا هزّ هذه الثقة لما استطاعوا .
لو اجتهد كل البشرية بالتأثير على صافي النية ،. لعجزوا عن تغيير طيبة نيته ، وهذه بالتحديد ما أوصلته لما وصل إليه .
بعد أن تحقق من مهنة جميع الجالسين في صالة الانتظار ، وصل أخيراً لمحامٍ بين الجالسين وبدأ بإعادة قضيته بتفصيل أكثر ، لعله يجد له مخرجاً من هذه المعضلة التي وقع فيها .
ويقول:
_هل هناك طريقة لاستعادة حقي من دون إلحاق الضرر بأخي ؟!.
مؤلم هذا الموقف !
هذا الأخ الحريص على أن يجد له مخرج ، هو من أوصله لهذا المكان ، هو من يحاول السرقة بإسم الثقة التي وُضعت بين يديه ، هو المتمثل بهلاك أخيه !
وما زال يتحقق من طريقة تعيد له حقه دون إلحاق الضرر به !.
بين أروقة المحاكم ، من المستحيل أن تخرج بمشاعرك سالمًا .
تباً لهؤلاء الذين جعلونا نفكر بمآل الطيبة في علاقاتنا وأن نضع ألف احتمال لما ستوصلنا إليه .
جعلونا دائماً نقدم سوء النية ، في أقرب الأقربين إلينا .
وياليتهم ينقرضون من هذا العالم ، وترتاح منهم هذه البشرية.
– جعلونا نعود للوراء عشر خطوات قبل أن نتقدم خطوة واحدة نحو فعل الخير للغير .
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة ادناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار المنوعة الدخول : http://www.shababeks.com
💜💙
راائع❤️
اسلوب شيّق وددت لو ذكرتِ القصة ـلكن اوجزت لنا العبرة منها، كل التقدير لجمال اسلوبك