ما لم تعرفه أمي.

التشكيلية / فاطمة رجب.

في زمنٍ قديم.. كنت أترقب التاسعة مساءً.. وأمنيتي أن لا تأتي تلك الساعة أبدًا..!!

فماذا لو نذهب للمدرسة ليلًا، ونعود لنذاكر حتى الفجر، ثم ننام صباحًا، حتى يَحِّل وقت المغرب..؟؟ بذلك تظل أنوار البيت والشوارع مضيئة..!! فيَمِّل الليل.. ويترك العالم.. وبذلك تكون الأربع وعشرون ساعة نهار..!!

كم كنت أكره الساعة التاسعة..!! تطفأ أضواء المنزل، وتسدل الستائر، الكل نائمون.. إلا أنا.. لا يغفو لي جفن.. أنتظر موعدي اليومي مع تلك العينان الحمراء المخيفة، تناظرني من زاوية الغرفة الغارقة في سوادٍ، لا ترى يدك من خلاله..!!

كنت أنام قريبًا من الحبيبة.. فأنا صغيرتها ومدللتها.
أمي أمينة.. كانت جميلة.. حباها الله بشعرٍ أحمر حريري طويل.. تُلقي أوله على وسادتها، فينسدل آخره بجواري.

أمي أمينة.. كالعصفورة.. أخاف أن أقترب منها أكثر، فيطير نومها.. فهي أول من يصحو وآخر من ينام.. تغفو قليلًا وتدعو لنا كثيرًا.

صوت حبات سبحتها، ومناجاتها الخافتة تطمئنني، فتختفي تلك العينان المرعبة من الزاوية، وأنام ملئ جفوني، وما أن يصمت صوت المسبحة، أصحو فزعة، وكأن ألف منبه يرن داخل رأسي، فأمسك بذيل ضفيرتها لأعود للنوم بأمان.

وأنا الآن أعترف.. بأني كبرت يا أمي.. وأصبح لي عائلة وأحفاد أيضًا.. ولا زلت أخاف من الظلام.. ولكن صوت مسبحتك وملمس شعرك في ذاكرة كفي، وعطرك يفوح حولي، حتى آمنت يقينًا بأن الأم تحميك دائمًا.. حتى وإن توفاها الله.

أبلغ روحك الطاهرة السلام والرحمة، أنار الله ظلمة قبرك وجمعني بك في جنات النعيم.. آمين أيتها الأمينة.

المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه

تويتر : https://twitter.com/shababeks_1

سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1

انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag

قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag

لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com