مشاري الوسمي
رئيس مجلس الإدارة

أمسكت قلمي عازماً على إنهاء معاناتي الطويلة، أكتب كلمة واشطب كلمات، أنتقي حروفي وكأنني أجمع شظايا زجاجٍ أخشى أن تجرحها كلماتي ، لم أكن أنوي البقاء طويلاً مهشم الكبرياء ومهمش الوجود ، فلست ممن يليقُ به الإهمال والاصطفاف في طوابير الانتظار .

في بداية الصفحة، على يمين السطور ، كتبت إلى حبيبتي ، لكن الكلمة غصة في حنجرتي ، أبت يدي كتابتها ، فكتبت إلى من سكنت قلبي ، ملأت روحي بروحها حد الغرق ، ولكن كسابقتها لم ترَ النور ، تلاشت تحت خطوط القلم الجاف .

تكومت الأوراق حولي ، سالت دموعي مراراً ، أعتصر قلبي مع كل حرف كُتب وكل سطرٍ أمتلأ بما فاض به الوجدان ، اختلطت مشاعري بين الشوق والرفض ، بين قسوة الرحيل ونعمة اللقاء ، ولكن كبريائي كان المهيمن المسيطر ، كأنه جلاد الذات القاسي الذي لايرحم ، ولا يخضع مهما تعالى الحنين وعصفت أمواج البقاء .

استغرقت رسالتي أيامًا طوال ، تساوى فيها الليل والنهار ، جفاني المنام ، حرم جوفي على نفسه الطعام ، كنت أرى الكلمات تتراقص بين السطور من شدة الاعياء ، حتى انتهيت وجف قلمي ، ذاب معه قلبي وسرى البرد في شراييني .

سلمتها رسالتي ، و أدرت لها ظهري مبتعداً، حتى تواريت عن الأنظار.
كنت أُراقبها وهي تفتح رسالتي ، أتحرق شوقاً لرؤيتها تتجرع كأس مرارتي كما اذاقتني مرارتها ، ولكن ذُهلت بابتسامة تهكمية تخرج من بين شفتيها، ثمَ ألقت رسالتي أرضاً و رحلت .

لم أطق صبراً، ركضت نحو ورقتي ، تناولتها فلم أجد بها إلا كلمتين في وسط السطور ( أشتقت إليكِ ) .
حينها علمت أن العقول لا سلطة لها على القلوب ، والعشق غريمك حتى يخضعك وإن طال العمر .

دمتم بحب لا خضوع فيه ولا انهزام .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مجلة شبابيك العالمية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading