بقلم : حامد الظاهري .
لعل بعضنا رأى ذات يوم وحشاً كاسراً ينهش كبد فريسته , ولربما شاهد آخرون ذئباً مسعوراً يقطع أشلاء ظبي فماذا فعلنا حينها ؟ إن كانت بشاعة المنظر فوق تحمل تصورات عقولنا ,سارع بعضنا إلى إغماض عينيه وأندفع آخرون يشيحون بوجوههم بعيداً عن ذلك المنظر.
فكيف بنا إذا كان ذلك الوحش ينهش في إنسانة؟ أو كان ذلك الذئب يقطع أشلاء طفل ؟ إن كان فينا ذرة من شجاعة , أو شئ من جلادة لحاولنا أن نحمي الإنسانة من فم الوحش أو ننزع الطفل من أنياب الذئب , ومع ذلك يتكرر معنا ذلك المنظر كل يوم دون أن نحرك ساكناً أو تدفعنا الإنسانية أن نمنع الوحوش والذئاب.
أهي ويلات الحرب والتهجير التي أكتب عنها , أهي الأسلحة الفتاكة والأوبئة المصنعة ما أقصد ؟ لا وليتهما كانا ما أكتب عنه , لعل ذلك أخف ضرراً وأهون على النفس مما نراه ونسمعه ونعيشه يومياً , توجه أن شئت إلى أقرب مستشفى لترى الضحايا , و اذهب إلى أول مدرسة تجدها لتشاهد ضحايا آخرين , أما إن أردت أن ترى غالبية هؤلاء الضحايا ففي المحكمة تجد ضالتك .
هناك تجد من ينهش في كبد المرأة وهناك تجد من يقطع أشلاء الأطفال بين قضايا النفقة وقضايا الحضانة , قد تصادف رجلا لايحمل من معاني الرجولة سوى اسمها ، يساوم مطلقته لتسليمها ورقة الطلاق , وآخر إستمرأ الإبتزاز لإستخراج هوية لابنه , وثالث ارتدى ثوب النذالة وتعطر بالحقارة، ينتقم من مطلقته بعدم تسجيل ابنهما في مدرسة , ورابع ينام على الدناءة ويصحوا على الخسة يماطل لعلاج ابنه أو ابنته .
ومن الضحية ؟ أهي تلك المرأة التي حلمت ببناء أسرة من طفولتها؟ , وعقدت آمالها الوردية في صباها على أن ترى رجلاً في حُلة الفرسان يأتي ليأخذها من بيت أهلها حيث تعيش معززة مكرمة , لتكمل معه بقية طريق الحياه مابين فرحة السعادة وألم الرضى , فإن قصرت يده كان خلقة شفيعاً له, وأن عاشت معه سعة العيش كان كرم الطبع قبل كرم الجيب ديدنه , لتجد نفسها بين براثن وحش لايجيد فن التعامل معها ولا تجد لديه لباقة أو نبل , حتى تستحكم حلقات الضيم حلقة تلو حلقة، فإن طلبت الطلاق لسوء خلقة أتُهمت في شرفها، وإن تحملت لأجل العشرة بينهما ، داس على كرامتها , وإن اختارت تلك المنطقة مابين الطلاق الروحي والزواج الصوري، أمست معلقة لاهو بالذي قطع الوريد لتستريح ولاهو وصله لتطمئن.
من ياترى هو الضحية ؟ أهو ذلك الطفل الذي كان نتاج ذلك الزواج؟ , إن انعتق من شظف العيش لذعته الدنيا بصعابها , وإن تجاوز ألم فراق والديه، حاصره أسى الماضى حين يرى مراعاة والد زميله له بينما لايجد من يقتدى به أو يرشده , ينشأ ذلك الطفل وفي ثنايا وجدانه الكثير من الكبت والقهر , فإن نجا من هوة الفراغ، من مشاعر البنوه وأفتقاد مشاعر الأبوه؛ أغرقه حرص وحنان الأم , لينمو جانب واحد من شخصيته على حساب الآخر، ويجد طفل المطلقة في صباه أنه أمام أمرين , فإما أن يأخذ دور الرجل ويُحرم مما تبقى من طفولته، أو يستمر في أرجوحة الطفولة ليخرج رجل في المجتمع لايعرف معنى المسؤلية .
وماذا عسانا أن نفعل حين نرى هؤلاء الضحايا ؟ سوى أن نغمض أعيننا أو نشيح بوجوهنا , حتى لايؤلمنا منظر تلك المرأة وهي تبكي في صالات الإنتظار بالمحاكم، بعد أن فقدت حضانة ابنها ، ونظرات الألم في عيني أخرى وهي تنتظر النفقة ، وتلك الثالثة التي تبدو على محياها علامات الحزن والضيم حين تخلى عنها أقرب الناس لأنها أمست مطلقة , وكأنما ارتكبت جريمة وفي واقع الحال ان بعضاً من أفراد المجتمع يرتكب بحقها أبشع الجرائم دون أن نمنعه أو نحرك ساكنًا , هل فقدنا إنسانيتنا وتركناهم بين مخالب الوحوش وأنياب الذئاب أم أن نزيف مشاعرنا أفقدنا الإحساس ؟ لا أدري.
_________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة ادناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
فيسبوك :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار المنوعة الدخول : http://www.shababeks.com