الكاتب : صالح الحسيني– المدينة المنورة.
باللون الرملي المعبّر عن أولية شروق، غُلّفَ المنجز التوثيقي الذي يؤكد لعدسة العين المتأملة.. البعُد الزمني الذي تقصاه المُؤلف محمد بن إبراهيم الدبيسي حين عمد إلى توثيق عمر الصحافة في المدينة المنورة ، مُستظهراً تاريخها و أثرها في الحركة الأدبية، و من دلالات الغلاف الذي اكتست أرضيته بنقوش و زخارف هندسية/ تاريخية ..، لم يُغفل معتمِد الغلاف فن العمارة الإسلامية كحق مُكتسب وُجِدت جُل المضامين الساندة له لتكون ضمن عتباته الرئيسة، و ليحكي فيه مُوثقاته قبل أي نُطقٍ.. أن الكتابة جسد .. و المدينة هنا روحها .. فنتنفسها مع كل حرف أثريّ .. بهِ تأثرنا و نتأثر.
بعد الفراغ من حديث الألوان، تُنادينا زوايا حادة من استطالات صحف قديمة شع حبرها من مكانة مُشعها و مُشبعها تركة و إرثاً .. المدينة .. ؛ حيث تسامقت أعناق المقروءات المضمّنة قُبالة الماسك للكتاب و هي: مجلة المنهل، صحيفة المدينة المنورة، صحيفة شمس الحقيقة، صحيفة الفلاح، صحيفة القبلة، و صحيفة الحجاز.. ، و كأول ما يقع عليه البصر القُبة ذات المعنى العمراني الأصيل تجانبها منارة بيضاء .. فكأنك تنتظر أذان ؛ و قد آوى إلى ركنه العلوي الأيمن العنوان: ( مركز بحوث و دراسات المدينة المنورة ) مُصّدراً له، و واسماً هذا المنجز بالرقم ( 23 ) .. ؛ هكذا شعرت بغلاف الكتاب الجسد. فيهِ منحني أخي المؤلف ثمرة جهده ( إهداء ) ليُضمنني بعضه.. فأسهر لسهره قراءة.
أن يخُصك مؤلف بكتاب عن المدينة .. أمرٌ يتعب فيك كل رؤاك و تطلعاتك حتى انتظاراتك لغيره، يلغي فيك تنظيمك لوقتك لتعيش أنت كوقت لكتاب، و أن يبدي لك اعتزازه – بخط يده – في ما أضناه بحثاً و تقصيا ، فهو بذلك يُأبد فيك وفاءه و تعهداته لك بكل ما هو جميل.
*سطور من روائع الكتاب:*
” لقد أكرم الله هذه المدينة و أهلها بفضائل كثيرة، و أحسب أن ريادة الصحافة واحدة منها، و لقد أحسن مؤلف هذا الكتاب في رصدها، و عرضها بمنهجية بين أمانة الرصد، و حسن التوثيق، و عذوبة الأسلوب ” د. عبد الباسط بدر. ” نحن عندما نُعيّن ( الحجاز ): لا نبتغي أكثر من الإشارة إلى أسبقية هذا الإقليم في تحقيق المكانة الرائدة لحركة الفكر و الأدب و الصحافة في بلادنا بحكم مكانته الدينية و إمكاناته الثقافية..(المُؤلف) .
كتابٌ هيئهُ مؤلفهُ بقوله : “أن يكون مدخلاً يُمهد إلى جهود أخرى ، و يتمنى أن تُستكمل من قبل دارسي الحركة الثقافية و الأدبية في بلادنا” المدينة المنورة .. المكان/ المعنى .. من الهجرة إليها كان توقيت الزمن و ضبطه، تنزّل بها القرآن الكريم لتُقاسم مكة شرف التنزيل ..”. و في هذا الكتاب نعيش لحظات عبد القدوس الأنصاري، و نشعر بـــ ) مجلة المنهل ) حياةً و قصة ، و من خلاله نتعرف على أول مشترك في ( المنهل ) من المدينة: السيد/ أحمد ياسين الخياري، و أول مشتركة من المدينة: السيدة/ شرف العلمية، التي كانت تعمل مديرةً لإحدى مدارس البنات حينئذ، و أول مشتركين من مكة : حسين سرحان، و محمد سعيد العامودي، و أول مشترك من جدة: الشيخ محمد نصيف، و أول مشترك من الرياض: حسن عبد الحميد الشنقيطي. و أول قصيدة في ( المنهل) هي قصيدة حيّا بها المنهل الشيخ محمد عبد الله المدني العدد الأول/ ذي الحجة 1355هـ ، و أول قصة كانت:( رجل من الناس ) لحسين سرحان ، عدد / صفر 1365هـ ، و أول رواية مسرحية: ( أدباء المظهر ) لأحمد رضا حوحو ، عدد / جمادى الثانية 1358هـ. و أول أديبة سعودية تنشر في المنهل: جيهان شكيب الأموي بقصة ( زاوج ثانٍ )، عدد / جمادى الثانية 1376 هـ، و أوليات تثقيفية و تنويرية أخرى ص97.
ومنهُ إلى ( قصة جريدة المدينة ) ، و ما صاحبها من دموع و دعوات و أسفار على و عثمان حافظ ، و قصة الحلم الخديج ؛ عند أول مراحل الطباعة ،و ضبط موازين رمي الورق، و ارتفاع ( الطنبوري )… ، و معضلة خيط ( الدوبارة ) .. و أيادي حسن صيرفي الذي قال عنه عثمان حافظ: أنه كان معهم “لبنة فوق لبنة و طوبة فوق طوبة ” في بناء صحيفة المدينة، و كلمات الشيخ محمد سرور الصبان لهما ، و التفاصيل الحميميّة، و وقفات الشيخ محمد شويل لسد تكاليف جلب المكائن، و عظمة التآخي ، و لحظات وقوف عثمان حافظ خلف مطبعة ( خاطر ) في مصر و تأملاته أثناء سحبها للورق، و محادثته لنفسه: ( متى أرى مثل هذه المطبعة أو مثيلاتها في المدينة المنورة .. و تفاؤله ” أن الله يعطي أفضل من هذا .. يعطي الجنة ونعيمها”.
هذه إطلالة قاصرة عن تبيان ما أود الحديث عنه من إبراز ما احتوى عليه هذا المنجز التوثيقي من منافع ، و أحسبه المرجع الذي غمرني بسيل المعلومة ، و رمم معرفتي في أثناء تتبعي لسطوره ؛ فقد أضاف لي الكثير مما كُنت له في حاجة: ثقافةً، و تاريخاً، وسِيرا.
____________________________
(*) كاتب ، و ناقد ، و أديب سعودي ، من مواليد المدينة المنورة عام 1388هـ ، دكتوراه في الأدب العربي – الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة ، عضو مجلس إدارة نادي المدينة المنورة الأدبي لعدة دورات ، له عدد من الكتب النقدية و الدراسات و الإصدارات الأدبية.
_________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة ادناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
فيسبوك :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار المنوعة الدخول : http://www.shababeks.com