د. غادة ناجي طنطاوي. Ghada_tantawi@
كعادتي كل ليلة بعد أن أنتهي من كتابة مقالي بعد منتصف الليل، أتابع بعض الأخبار حتى يغلبني النعاس، ليلة الأمس كانت ليلة مختلفة، قررت أن أشاهد فيلماً قمت بإختياره بطريقة عشوائية، وقع إختياري على فيلم (listen to your heart) أي انصت لما يقوله قلبك، بطله نادل مطعم في مقتبل العمر يعجب بفتاة ثم يكتشف أنها صَمَّاء، لكنه يقع في حبها، وعلى مدار ساعةٍ و ٣٠ دقيقة لم تنطق البطلة بكلمة واحدة، كانت تستخدم معه لغة الإشارة والكتابة، مما اضطره لأن يتعلم لغة الإشارة حتى يتواصل معها.
بعد إنقضاء النصف ساعة الأولى من الفيلم، بدأ ماراثون الأفكار في عقلي، كأني في مضمار خيولٍ عربية تتسابق لقفز الحواجز، وبدأت الجمل الإفتتاحية تلوح أمامي وعنوان المقال يرقص أمامي، وشعرت برغبةٍ ملحة في الكتابة بسبب أحداث الفيلم.
عَرَّف العلماء الصوت اصطلاحًا؛ على أنه ذبذبات محسوسة في موجات الهواء، يستقر الجزء الأكبر منها في السمع بحسب درجة تذبذبها لتوحي لنا بدلائلها، فرحًا أو حزنًا، خبرًا أو إنشاءً، صدى أو موسيقى، أو شيءٍ عادي مما يفسره التشابك العصبي في الدماغ أو يترجمه الحس المتوافر في أجهزة المخ بكل دقائقها، أما لغةً؛ فالصوت وسيلة تواصل بين البشر لتقارب وجهات النظر.
الشاهد في الموضوع عندما انتهى الفيلم، خطر على بالي تعريفٌ آخر للصوت، ربما لم يخطر على بال أحدٍ من قبل، الصوت نوعان، نوعٌ يحاكي العقل وهو المسموع، ونوعٌ آخر وجداني، يحاكي المشاعر والأحاسيس، وإن كان غير مسموع. هذا ما يجعلني أقول دائمًا أن اللوحات التشكيلية تتحدث، الشعر المقروء يتحدث، منظر الغروب يتحدث، لذلك قد يبكينا صوت الذكريات عند رؤيتنا صورةً قديمة تجمعنا بشخصٍ أحببناه يومًا ما، مع أن الذكريات ليس لها صوت، قد يحرك فينا منظر البحر مشاعرًا دفينة، نسمعها بقلوبنا فقط فتسيل منا الدموع مع أنه لا يتحدث، وهذه ظاهرة معروفة في دراسة قسم الأدآب والعلوم الإنسانية تسمى تطهير النفس..!! تذكرت فيلمًا آخرًا شاهدته قبل سنوات بعنوان الحب ليس أصم أو (Love is never silent)، يحاكي نفس الفكرة، فالحب ليس له صوتٌ مسموع، ومع ذلك نحن قادرين على سماعه، الوقوع فيه والوصول لدرجة العشق والهيام. هذه هي طبيعة البشر و الفطرة السليمة بداخل كل منا.
الغريب في الأمر، على الرغم من كل هذا مازالت هناك حروب، ومناظر تدمي القلب، مازالت هناك عنصرية فارغة ابتدعتها بعض المجتمعات السقيمة، يتفنن الجميع في إيذاء بعضهم البعض لأسبابٍ دنيوية واهية، وتغيب عنهم حقيقة واقعهم، يهدمون نجاحات بعضهم، يدفنون أحلامهم تحت ركام الأحقاد الشخصية، قتلٌ وقذف، سحرٌ وشعوذة، ثم يولون الأدبار كأن شيئًا لم يكن..!! غير آبهين بأن دنياهم فانية. شياطينهم تقف احترامًا لهم وإبليس يصفق لهم بسعادةٍ مفرطة، فإذا كان الصم والبكم قادرين على ذلك، ما بال الأصحاء ليسوا صم ولا بكم لكنهم لا يفقهون.
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : Tweets by shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com
محركة الاشجان…
دمتي بود