مجلة شبابيك العالمية.
“كاللونِ… لا ينتمي إلا لريشتِهِ، كالحبِّ… لا ينتهي إلا لرعشتِهِ، أتيتُ أحمِلُ أقلامِي وجمجمتي”.
الشعر المحاولة الأخيرة للأرض لتستعيد نقاءها الأول، لأنه مزج مركب من بكارة اللغة، ورقة الموسيقى، ودقة النحت والتصوير، ودراما المسرح، ولأن سيد عبد الرازق مؤمن بتلك الحقيقة، ولأن وعيه ظل ناهلا من معين اللغة، مستظلا بموسيقى الشعر، ومستلهما من الفن، جاءت تجربته الجديدة مشبعة بتمازج الفنون، مقدما للمكتبة العربية ديوانا شعريا فصيحا في لغته، فنيا في لوحاته، دراميا في تناميه وتصاعده.
يطالعنا سيد عبد ارازق بديوانه عن دار إبهار للنشر والتوزيع، ويعنونه بـ (كانڨاس) الكلمة التي لم تتعودها القصيدة، ليبدأ رحلته المغايرة على لوحة الرسم القماشية التي رسم عليها كبار فناني العالم لوحاتهم الزيتية الخالدة.
يقدم سيد عبد الرازق لديوانه بقلمه، ليضع أمام المتلقي العربي صورة ذهنية تتسم بحرية تأويلها حسب تعدد مستويات وذائقة التلقي، بل إنه يدعو إلى مشاركته التأمل ” ليس لي اسم محدد ولا هوية، فلتسمني الصحراء غيمة، وليسمني القاتل دما، ولتسمني الحافلة حجرا في الطريق،…، والحقيقة أنني أراقب هذا الشارع الكوني كأحد المصابيح المعلقة”، فهو لا يحجر على المتلقي درجة أنه يقر أن ما سيقرأه هو ما سيساعد في وضع اسم وهوية – وفق تصوره الخاص- لتجربة الشاعر في الديوان.
يستطرد في إنشاء معرض فني ليقدم قصائده تحت مسمى اللوحات، ويضع عنوانا لكل جناح من أجنحة المعرض مقدما له بأبيات شعرية تشي ولا تصرح، وكما يرى جابسون أن الشعر مفهوم لا يمكن تصوره إلا عبر تمثلاته النصية التي تحمل بداخلها ما يجعل منها عملا شعريا، حاول سيد عبد الرازق أن يطرح عبر أجنحة معرضه/ ديوانه نصوصا تعمل على تشكيل الشعر بما يمنحه تلك المزية.
حديث الشعراء عن الشعر لا ينتهي، لذا يمثل تحديا أن تأتي بجديد في هذا الباب، وهو ما فعله عبد الرازق برسمه “بورتريه” لصورة الشعر والشاعر والمتلقي في قصيدته الأولى، فالشعر: الذي يمثل دكتاتورية الشاعر على الورق، والحمامة التي يغري بها الجوع إلى المجاز، ومحكمة التفتيش، والشاعر: المرتبط بأيقونة الوجع الإرادي، والانتهازي، والمرابي بالنبوءة، ومبتكر التناقض، والمتلقي: الميكيافيللي، الباحث عن نفسه في القصيدة، والقاضي الصارم عليها، كل ذلك يمثل جزءا من البورتريه الذي يضع الشاعر فيه رؤيته حول الشعر الذي وصفه بالهبة السماوية.
لا ينفك سيد عبد الرازق يجسد في لوحاته شخوصا يبعث فيهم الحياة لتتنامى درامية قصائده حتى تكاد تتحول القصدة/ اللوحة إلى لوحة مسرحية، يستدعي بودلير وعبد الله بن المعتز في قصيدة “وجع ثلاثي الأبعاد”، ويستدعي سقراط في قصيدة “قيامة سقراط” التي يغاير فيها رؤية جاك لوي دافيد في لوحته “موت سقراط”، ويستدعي ماريا تريزا دي بوربون، وفرانسيسكو غويا ليدخل إلى اللوحة ويرسم لها أبعادا جديدة لاحتمالات اكتمال اللوحة، وغير ذلك مما يدل على سعة اطلاع وتجربة فنية ثرية.
ثم لا يلبث أن يرسم لوحاته الخاصة عن الإنسان وواقعه، وعن الفلسفة، وعن الخسارة التي أسماها رفيقته الجميلة على الطاولة وكتب لها أربع قصائد، مستدعيا صورة تلك الرفيقة السينمائية على طاولة المقامرة، وينهي رحلته في معرضه الفني بالجناح الأكثر خصوصية وهو المرأة: التجسيد الوحيد للجمال، كأنه يقول إن رحلته عبر الشعر والإنسان وواقعه، وفلسفته، وخساراته تنتهي بالجمال الذي يخلده على لوحاته، متعددة الزوايامتراسلة الفنون، مستثمرا كل أدوات التشكيل درجة استثماره لأنواع اللقطات السينمائية في تشكيل القصيدة الأخيرة: تناول جديد للوحة أزلية.
ليست هذه هي التجربة الإبداعية الأولى لسيد عبد الرازق التي استحقت الاحتفاء بها؛ فله عدة إصدارات شعرية ومسرحية حازت جوائز دولية ومحلية منها: جائزة الأمير عبد الله الفيصل، وجائزة الشارقة للإبداع العربي، وجائزة البردة، وغيرها، ويأتي ديوان (كانڨاس) خطوة جديدة جديرة بالمتابعة في مسيرته الأدبية.
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : https://twitter.com/shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com