الكاتبة : رندا أبو حوى.
لطالما كان الإنسان هو المعجزة المحيرة المثيرة للدهشة، من جملة المعجزات التي سبقت وجوده، وفي كل تفاصيله الدقيقة، هناك أسرارٌ تشبه خفايا احتفظت بها المحيطات، وامتدادًا لتلك التفاصيل الغامضة، وجدنا أنفسنا داخل أحد تلك القيعان، كان بانتظارنا أولى الاستفهامات، ذاك الشعور المعقد الذي ترأس مقدمة الخفايا هو الذي بات يمتلك جزءًا منا في غاية الأهمية، يُحركنا كيفما يشاء وبأي اتجاهٍ يُرِيد، يجعلنا نخشى الخروج عن دائرته وكأن ذلك أمرٌ مرهونٌ باتباع الفضيلة، والترفع عن الرذيلة. بينما الأمر في غاية البساطة، ولا ينتهك حرمة السلام.
أكان هذا الأمر تابعاً لغريزةٍ خُلقت معنا؟ أم أننا ما عُدنا نمتلك شجاعةً تجعلنا نُرضي حاسة الفضول في تمكينها لمس ما تجهل باطنه، كي تُشبع ذاك الإحساس الذي يتضور جوعاً للمعرفة؟.
في زحام الحياة المترفة. وتفاصيل الإنجازات البشرية المبهرة، بدأ بالظهور عياناً بعد أن كان يلوح بالأفق، طيفٌ يزورنا باستمرار، بل أظنه متحكمًا بنا، يجعلنا نرى الصورة بشكلٍ مُلْتَبِس، أم أنها هالة الدخان التي أحدثتها انتفاضة العولمة؟.
لقد سقطت على رأسي زخاتٌ من غيث الأسئلة، لماذا لم يعد بحوزتنا المقدرة على التجاوز؟
وكأننا سقطنا من خانة التأهيل، تزايدت فقاعات القلق في المحيط، فظننا أنها لوحةٌ استعراضية، لا أكثر حتى وجدنا أنفسنا أسرى سُجِنُوا داخلها.
إنهُ لمن المخيف والمحزن أن يُقطع تيار الضوء عن المنزل، وتُوقد شعلة النار داخل الكهف، أن الغرابة والتناقض، هما اللغز الذي يأبى أن يتوصل لحله أحد العابرين خلاله في هذا الحيز.
لقد سمعت بمحض الصدفة ما جعلني أشعر بالذنب حيال ما وصل إليه البعض من اليأس، وما فعله القلق بأحدهم، فالقضية هنا مشتركة، ليست حالةً خاصةً معنية به.
إن الترددات التي تتمثل على هيئة إشارات تتحكم بخط سير الحياة، من شأنها أن تكون عدوًى لا يمكن كبح جماحها، بعد أن يتوسع مجراها الضيق ليصبح خط إمدادٍ رئيس تُستقى منه الأفكار التي ستأخذ بنا نحو الهاوية.
القلق الذي يُمثل المادة الخام التي من خلالها تنشأ بعض الأمراض النفسية، هو المحور الذي غُيبت عنه أنظار المجتمع، فبدا حالةً مزاجيةً لا يجب إحالتها لنقاش، والبت في تفاصيله المسببة له، ورفع شارة الخطر استعداداً لمجابهته.
إن العُزلة المنشودة إيجابيتها في نطاق “المشتبه بهم” حتى تثبُت براءتهم، فما عادت تلك الفكرة حرةٌ طليقةٌ مرغوبة، إذ إن هناك من آلت نهايتهم إلى الشقاء، إننا نرى أجسادًا قد نفقت، ورؤوسها قد دُفنت، إلى أين يا تُرى ذاهبون ؟ وماذا حل بهم إذا تحسسوا الأمان بين الأموات؟
من المتسبب في نفاد الهواء النقي داخلهم، حتى اختنقوا فما عادوا يستطيعون معاودة اللحاق بالحياة؟
كيف لنا أن نرضى أن نتساوى بالعدم؟ حين شاهدناهم يلجؤون للموت دون اكتراثٍ منا، لم نلق لهم بسترة النجاة، ومضينا تاركين خلفنا من يغرقون على اليابس!
إلى أين تأخذنا (لا شأن لنا)؟
وأين حصادنا من محصول ضمائرنا؟
إن ضحايا الأمراض النفسية هُم الجنود المنسيون في باحة الحياة، لقد آثروا الصمت خشية إقصائهم بشكلٍ قاسٍ جداً من قِبل ذويهم.
الموت على قيد الحياة بدا مصيدةً وضعتها شعاراتٍ تناهض مشروعية اختيار حياةٍ خارجةٍ عن نطاق الحياة السوية.
لا عزاء لنا إن كُنا في سباتٍ متعمد عن تزايد مقابر الأحياء بيننا.
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : https://twitter.com/shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com
🌼🌼