الكاتب : سعود العتيبي.
لأول مرة.. منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود، أنام ملءَ جفوني هانئا لا يشغلها همُّ الاستعداد للمدرسة، ولا تجهيزها وتهيئة قاعاتها لاستقبال الطلاب، لأول مرة لا أعكف على قوائم المنقولين، وبناء الجدول وما يعقبه من خلاف و ائتلاف، لأول مرة أرتاح من حُمَّى التساؤلات في مطلع كل عام !! تُرى.. كيف هم المعلمون الجدد ؟! وهل سيقبلون جداولهم.. أم سأخوض معهم جلسات تفاوضية مقابل الموافقة ! ماذا لو اتضح وجود عجز في المعلمين؟
ماذا يجب أن أفعل لمواجهة نقل الطلاب؟ فميزانية المدرسة لا تقوى على مواجهة المُلاحّة، وهاجسي قضاء حوائج الناس وأجد في ذلك متعة، ولكن الشّق أكبر من الرقعة !
كيف ستكون آلية المدرسة في أول أسبوع من الدراسة ؟ فالأسبوع ساخن مع حركة النقل واستقبال الطلاب المستجدين بالصف الأول، وفعاليات الأسبوع التمهيدي تطل بكل براءة وسط تلك التحديات.
لأول مرة أنام ليلة الدوام وأنا لا أفكر في صبيحة اليوم التالي !
لأول مرة لا أكون في المدرسة ( ليلَ نهار) في الأسبوع الذي يسبق الدراسة !
لأول مرة أنام دون إعداد جداول الإشراف والمناوبة ووضع خطة المدرسة !
لأول مرة يكون جوالي خاليا من رسائل طلب الشفاعة لقبول طالب أو تغيير جدول معلم أو تخفيف نصابه !
طوال مسيرتي العملية لم أكن ولله الحمد منفّرا للزملاء أو فظّا غليظ القول مع أولياء الأمور، كنت حريصا كل الحرص على تلبية رغبة ولي الأمر، كنت متأكدا بأن قضاء حوائج الناس لا يكون سهلا إلا إذا وضعت نفسي مكانهم.
فإذا عشت معاناة غيرك سهُل عليك قبول هذا الطالب أو ذاك وجاءك الفرج من حيث لا تحتسب !
كنت مؤمنا بأن صاحب الحاجة لحوح، وأن من سهل على الناس سهل الله عليه، لا أذكر أن خرج من مكتبي ولي أمر غاضبا أو مهددا ! ولا أذكر أن مُراجعا ذهب لإدارة التعليم أو مكتب الإشراف من أجل قبول ابنه !! فقد كنت أقبل بقدر الاستطاعة بل فوقها في أحيان كثيرة! وكنت أعتذر من ولي الأمر بخجل وأسًى إذا لم أستطع … بل كنت أشفع له في المدارس المجاورة إذا رغب.
وبعد تجربتي الطويلة في الإدارة المدرسية أستطيع القول مطمئنا: أن العمل في التعليم يحتاج للحلم واللين وحسن المعاملة، فإذا أردت أن تأخذ أفضل ما لدى الرجال فاعطهم أفضل ما لديك !
في عملية قبول الطلاب كنت أقبل طالبا في فصل مزدحم ثم ينقل طالب آخر من نفس الفصل خلال أيام معدودة !
في تعاملي مع الناس كنت أرفع شعار” أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ” .
وفي تعاملي مع المعلمين كنت مؤمنا بمبدأ المرء يطربه الثناء، فكنت أكيل لهم من عبارات الثناء وذكر إيجابياتهم إيمانا بأن بناء الرجال لا يكون إلا بتقدير ذواتهم.
تعلمت من الإدارة بأن توزيع المهام وتفويض الصلاحيات وبناء الخطط بمبدأ التشاركية وبروح الفريق يحقق رؤية ورسالة المدرسة.
فلا تضع المدرسة فوق رأسك وتطلب من الجميع أن يدفعوك !!
تخفيف ضغوط العمل النفسية على العاملين في المدرسة يجعلهم أكثر إنتاجية.
اختيار الوقت المناسب لإرسال الرسائل واللوائح المنظمة للعمل، فقد كانت تنهمر علينا رسائل الإدارة العليا بشكل مستمر وكثيرا ما كانت تصل في الهزيع الأخير من الليل ! وفي أوقات الإجازة، وكانت طريقة تعاملي معها أعيد صياغتها بمخاطبة الزملاء بإسلوب أدبي وأطعمها ببعض الآيات أو الحديث، وكثيرا ما كنت أغوص في بحر الأدب وأنتقي ما ليس ملتبسا ولا مبذولا، ثم أعيد تدويرها لزملائي في وقتٍ مناسب.
يجب أن تشعر العاملين معك بأن وجودك داعما لهم ولست مراقبا !!
تعلمت من الإدارة أن رقاب الرجال كشجرة ( العُتم) لا تكسرها إلا بالشيمة.
تعلمت أن أسرع طريق للوصول إلى العقول عبر القلوب في التعامل مع الناس وقضاء حوائجهم، إذا لم تستطع خدمتهم فلا تُحرم نفسك من العذر؛ فالعذر في حد ذاته خدمة راقية يتقبلها المستفيد.
كلما كان أسلوبك الإداري إنسانيا بالدرجة الأولى استطعت كسب ثقة واحترام العاملين معك.
تعلمت من الإدارة أن نشر ثقافة الحب والتعاون في بيئة العمل يجعلها واحة فواحة بعبير المودة والإنسانية.
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : https://twitter.com/shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com
طبت وطابت ايامك اخي سعود… هذه شذرات وقطوف ذقنا طعمها الحلو ورائحتها الزكية كلما مررنا بصرحك العامر وكلما ذُكر اسمك الطاهر… وفقك الله فماقلت الا صدقاً ونحن شهود ومن وراءنا شهود.