الكاتب : د. محمد كامل الباز.
دورة حياة الإنسان غريبة وعجيبة، مليئة بالمتغيرات، الأحداث والتقلبات الكثيرة. يتشابه الكثير فى تلك المتغيرات، بل تشعر كأنه نظام عام يشترك به الجميع. منذ انتهاء فترة الدراسة يبدأ معظم الناس في الدخول لمعترك الحياة العملية ثم البحث عن شريكٍ لحياته، ومن ثم مرحلةً جديدة ومختلفة، تتغير فيها طبيعة الحياة من لهوٍ وترفٍ لجدٍ وعمل. من بالٍ غير مشغول لآخر مكبد بظروف الحياة والتخطيط للقادم، كل ما يشغل العقل هو تكوين مستقبل وحياة مرموقة لأسرتك وتأمين القادم لأولادك.
عملٌ معظم اليوم، انشغال، تفكير يصب في جهةٍ واحدة؛ كيف يحسن دخله وماذا يفعل لأولاده..؟؟
ويستمر هذا الإيقاع غالبًا حتى مغادرة الحياة، حيث يؤجل الفرد الكثير من الأعمال الصالحة المطلوبة بحجة أن الوقت ما زال أمامه ويوجد أولويات لأسرته وأولاده، بعدها يتفرغ لأي عمل خير مثل الحج، العمرة والصدقات… إلخ، ثم ينهض ليجد نفسه بين تعداد الأموات… مضى الوقت وذهبت الأماني، لماذا ذلك القصور في التفكير..!! ولماذا دائمًا نضحي بأشياءٍ باقية من أجل أخرى زائلة..؟؟
اجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه، ولمحاولة جذب الإنتباه، عرض عليهم سؤالًا هاما؛
(قال رسول الله ﷺ: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه قال: فإنّ مالَه ما قَدم، ومالَ وارثه ما أخر). رواه البخاري.
المصطفى صلى الله عليه وسلم يريد توضيح شيئًا هامًا للصحابة، بل للأمة كلها، هل مالك، نقودك، مدخراتك ومتاعك أفضل، أم ما تتركه كميراثٍ أفضل..؟؟ أيهما أحب إليك..!! بالطبع يجيب الصحابة أن أي فرد عاقل ناضج، ماله، نقوده وأي شئ يمتلكه أفضل عنده مما يذهب للورثة. أفضل من مال الورثة أنفسهم، فمالك ونقودك التي ملك لك أفضل من مال إبنك وزوجك التي لا تملك التصرف فيه.
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يفاجئ الصحابة بشىء لم يفكروا فيه..!! وهو حقيقة المال الذي لك وحقيقة المال الموروث لورثتك. فيؤكد أن مالك الحقيقي الذي ينفعك ويدعمك هو النقود التي صرفتها في فعل الخير، الأموال التي استخدمتها لعلاج مريضٍ مسكين لا يملك حق الدواء، العمرة التي كنت دائم عليها، الأيتام الذين كنت ترعاهم.
كل هذه الأموال التي في الظاهر أُنفقت وزالت في حياتك هي في الحقيقة السند الحقيقي الباقي لك. المال الذي ينفعك وقت الشدة والسؤال يوم الحساب والجزاء.
أما تلك الأموال التي كنت تختزنها لكي تؤمن مستقبل أسرتك، هي في الحقيقة مال ورثتك، مال زوجتك وأولادك الذين سينعمون بها من بعدك. كل الأموال التي احتجبتها وظننت بها عن فعل الخير بحجة أنها لتأمين مستقبل أولادك لن تنعم بها..!! وسياخذها ورثتك الذين ربما ينسوك وتشغلهم الحياة عن زيارة قبرك، وربما حتى الترحم عليك
أي عاقلٍ يغفل عن هذا..!! أيًا منا يضحي بالأصول من أجل الفروع..؟؟ ربما كان المال الذي ادخرته بدلًا من أن تتصدق به أو تفعل به معروفًا، كانت فيه نجاتك يوم القيامة.. بدلًا من أن يذهب لورثتك الذين سينسونك بعد موتك.
فلا تضحي بالمال الممدود من أجل إرثٍ مفقود.
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : Tweets by shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com