الكاتبة : جمال بنت عبد الله السعدي.
قلَّ أن يلمع نجم مراسل إخباري أو صحفي، كما لمع اسم شيرين وحضورها الطاغي بعد وفاتها كما في حياتها.
اسم شيرين رغم تردده على مسامع متابعي تغطياتها وتقاريرها الإخبارية على امتداد ربع قرن من الزمان عبر قناة الجزيرة. إلا أن ما ناله من اهتمامٍ لافتٍ محليًا وإقليميًا وعالميا، وعلى مختلف المستويات الرسمية والشعبية والدولية، لا يحدث إلا لقامةٍ إعلامية قديرة قل نظيرها في العالم. لا لشيءٍ سوى أنها عملت بكل إخلاصٍ و بجدٍ وتضحيةٍ وتفانٍ، على توثيق عدوان المحتل على أرضها وشعبها وتاريخها صوتًا وصورة، بإصرارٍ وثباتٍ وشجاعةٍ وصمودٍ منقطع النظير، بتحدي المقاوم والمناضل في مواجهة أصعب الظروف أثناء تغطيتها الأحداث الساخنة في أكثر من مدينةٍ وقرية، تقف في الصفوف الأولى أثناء المواجهات العسكرية، توثق اقتحامات العدو وهجماته العدوانية الشرسة، لا تردعها رصاصاته الغزيرة ولا الطائشة و لا مداهماته و هجماته الغاشمة، ولا غازه المسيل للدموع ولا المياه العادمة.
كان العالم يرى فلسطين بعينيها و يسمع أنَّاتها ومعاناتها بصوتها، لامست جراح الناس فضمدتها، ورصدت آلامهم ووثقتها، فكانت الابنة والأخت والصديقة والمراسلة والمواطنة وصوت الحق والحقيقة.
اغتالتها رصاصة قوات الاحتلال الاسرائيلي صباح يوم الأربعاء ١١ مايو ٢٠٢٢ م عند مدخل مخيم جنين، حيث كانت برفقة مجموعةٍ من الصحفيين لتغطية المواجهات هناك، اغتالتها كي تضع حدًا لهذه الشخصية الفذة التي أرهقهم ثباتها ووقوفها في وجوههم عند كل مفرق، وعلى أبواب كل مدينة، وفي أزقة كل مخيم، عدا عن رباطها في المسجد الأقصى طوال شهر رمضان، تترصد كل تحِّركٍ قد يقوم به العدو لاستفزاز أهل القدس المسلمين في شهرهم الفضيل.
كانت ابنة الجميع، وكثيرون لم يكونوا يعلمون أنها من أهل الديانة المسيحية حتى يوم جنازتها، لأنها كانت على هذا القدر من الإنسانية والبسالة والشهامة ابنةً للجميع.
كانت تفطر في رمضان مع المرابطين على عتبات الأقصى وتساهم في إفطار الصائمين، وتضمد الجراح في مخيم جنين، وتنبش الأنقاض بيديها بحثا عن أطفالٍ تحتها، تهدىء روع أمٍ ثكلى متلهفة، وتزور الأسرى وأسرهم مواسيةً لهم تتلمس احتياجاتهم، وراصدةً لمعاناتهم لتضع العاام أمام مسؤوليته الإنسانية.
كان يكفي أن تحب عملها وتخلص له ليقف لها العالم دقيقة صمتٍ احترامًا وتبجيلا، ويعزي بها رؤساء دول ومنظمات عالمية، ويدين قتلها العالم من جميع جهاته ومستوياته وفئاته.
قُتِلت شيرين وحاولوا قتلها مجدًدا وهي في طريقها إلى مثواها الأخير، لتوارى ثرى القدس التي أحبتها.
قُتِلت شيرين ولكنها بموتها أعادت فلسطين للواجهة، ووحدت الفلسطينيين على أرضهم وبالشتات، فلا انقسام ولا مذاهب ولا طوائف تفرقهم، فكان الهلال دامعًا جوار الصليب.
قُتِلت شيرين ولكن أطلق اسمها على المولودات الجدد، وعلى الشوارع و الميادين، وعلى جوائز الابداع والتميز في كبرى جامعات فلسطين، وقُلِّدت وسام نجمة القدس.
قُتِلت شيرين ولكن صوتها لن يخبو، وصورتها لن تغيب. فستظل تؤرق مضاجع العدو حتى يتحقق النصر المبين.

المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : Tweets by shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com