د. غادة ناجي طنطاوي.
Ghada_tantawi@
فُجِعت اليوم بخبر وفاة المراسلة الفلسطينية ، (شيرين أبو عاقلة)، متأثرةً برصاص جيش الاحتلال الغاشم، إثر اشتباكٍ ناري، في منطقة جنين، لا ولكن لم تعد مواقف هيئة الأمم المتحدة تثير الدهشة لدي، شجبٌ واستنكار، إداناتٌ مزيفةٌ تُدخِل ضميرك في غيبوبةٍ مؤقتة، حتى يأتي حدثٌ آخر يسرق الأضواء ويصبح الحدث الجلل نسيًا منسيًا.
فتح تحقيقٌ نُطِقَ فيه الحكم مسبقًا، وفاةٌ بنيران صديقةٍ رصاصة في الرأس وتبريرٌ سافرٌ لعدوٍ انعدمت الرحمة في قلبه، بناءً على تاريخه المُلَطَّخ بدم الأبرياء ودموع أمهات الشهداء.
والسؤال البديهي هنا: ألم تكن قرارات هيئة الأمم هي السبب فيما وصل إليه الحال الآن؟. تحدثوا عن حقوق الإنسان ليقنعوا العالم بأنهم جهةٌ محايدة، وفي المقابل التزموا الصمت عن كل انتهاكٍ لتلك الحقوق، حدث على مرأىً ومسمعٍ من الملايين على شاشات التلفاز، نسبوا كل حادثةٍ همجيةٍ خاليةٍ من الإنسانية، لمشاكل العنصرية التي ابتدعها رؤسائهم، ونسبوها للعرق والديانة باطلًا !، تجاهلوا بدقةٍ جميع اختراقات سجن جوانتانامو، أنكروا أبسط حقوق الصليب الأحمر في إيصال الشكاوى، وأعلنوا براءتهم من تلك التهم، كبراءة الذئب من دم إبن يعقوب، سَنُّوا قوانين سلامٍ واهية. لإسكات العالم. وغَضُّوا أبصارهم عن كل من خالفها، حتى الأطفال.
لم ينجُ أحدٌ منهم من تعديهم السافر، حتى اعتقدت لوهلةٍ أنهم يسكنون في منطقة حزام الصمت، لصمتهم المستهجن عما يحدث لأطفال ساحل العاج، في حقول الشوكولاتة، وسرقات ثروات أفريقيا، فتحوا ملفات التعذيب الجسدي، وكانوا على علمٍ ودرايةٍ بكل فظائعه وجرائمه، واختاروا التكتم على فضائح الاغتصاب الجنسي، وانتهاكات السجون غير الإنسانية؛ فهل أرجو منهم العدالة في مقتل نفسٍ بريئة؟، هل أنتظر منهم الاعتراف بأمٍ يشهد التاريخ بأنها لم تنجب سوى الأبطال؟ تَعَلَّمَ أطفالها في سنٍ صغيرةٍ الجسارة، وكانوا وقوداً لحربٍ بقرارٍ ظالمٍ اشتعلت، فتسلحوا بالحجارة، عانقت بناتها السلاح منذ نعومة أظافرهن، وبعضهن اغتُصِبْن في كل شارعٍ وحارة.
لم أعد أشاهد التلفاز لأعرف كم مقرٍ قُصِف، كم صقرٍ سقط!! أقنعت قلبي بأنهم صعدوا شهداء، حلقت أرواحهم كالنسور في السماء، بعد أن حرق العدو سنابل القمح، وقَطَّعوا أغصان الزيتون والرمان.
جنين، الخنساء في عصر الحضارة، دفعت أحفادها ثمنًا للخيانة، تحولت حياتها إلى خارطةٍ بلا حدود، لا يوجد في شوارعها سوى جثثًا نخرها الدود، أمٌ لم يعرف أطفالها هدايا الأعياد، بل حملوا رايات الموت صغارًا لتحرير البلاد، ولم يكن لها ذنبٌ سوى أنها خُلِقَتْ أبيةً جميلة، باعها الحاقدون كإخوة يوسف بلا لومٍ ولا عتاب، ثكلى تنوح، استشهد صقرها برصاص جيش الاحتلال، فأمسى فؤادها حسيرٌ كسير، دون بهجة، مسلوب الحسام.
نظرة بأس، يأس، خوفٌ معلقٌ برجاءٍ على وجوه أطفالٍ صغار ونساء، وشيخٌ طاعنٌ في السن يخطب في المسجد عن الشهادة بلا رياء، حربٌ ضروس تدور في بيداء، يسقط فيها شهيدٌ يسعفه جريح، يكفنه شهيدٌ آخر، يصلي عليه جمعٌ من الشهداء.
كيف أعتذر منك يا ثكلى وليس لي سوى قلم.؟ ، رجوت الله مرارًا أن لا يكون ضعيف الأثر، وإن كان كذلك فعار علي السمع والبصر.
بطلتي اليوم يا سادة، شهيدةٌ أخرى على القائمة مُضافة، استشهدت على أرض الأبطال، غصن الزيتون في دار السلام، أولى القبلتين، الشهيدة شيرين أبو عاقلة، فسلامي على شهدائك يا أرض كنعان.
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : Tweets by shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com