الكاتبة : د. غادة ناجي طنطاوي.
@Ghada_tantawi
في كل يوم أشاهد الأخبار.. لعلي أجد بشرةً سارةً عن انتهاء كابوس كورونا، الذي فتك بأرواح الناس مؤخرًا، مما استدعى منظمة الصحة العالمية لرفع درجة خطورة هذا المرض من فيروس إلى جائحة.
لكن للأسف.. لا أشاهد إلا زيادة عدد الإصابات في دول العالم وارتفاعها لِتَحصُد أرواحًا من مختلف الأعمار، حظر تجول صارم، ايقاف للتجمعات، إلغاء جميع الفعاليات، إغلاق كنائس و بكاء مآذن لمساجدٍ توقف فيها المصلون عن الصلاة كإجراءٍ احترازي مؤقت للوقاية من هذا المرض.
و في خِضَّمِ الأحداث الراهنة ما زال البعض مُصِرًّا على أن كورونا من جنود الله على الأرض..!! مرض سخره الله عقابًا لمعاصي البشر..؟؟ من أين لكم هذا..؟؟
كنا نسمع تلك المهاترات في كل مرةٍ يحصل فيها خسوفًا للقمر أو كسوفًا للشمس، متجاهلين أنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، البركان غضب من الله، الزلازل عقاب، الأعاصير إنذار إلهي.. وحتى الأمطار غدت هلاكًا عوضًا عن كونها رحمة، متجاهلين قوله تعالى؛ “ألَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا”. إلى متى سنصفق كالدمى لكل من ألبس البلاء عباءة الدين؟؟
لم نسمع عن اصابات بكورونا في السويد والنرويج، فهل يعني هذا أنها خالية من المعاصي..؟؟ في حين أن ارتفاع نسبة الإصابة في مكة -أطهر بقاع الأرض- اضطرت الدولة لإصدار قرار بإغلاق الحرم المكي لبضع ساعات..!! فهل يعني هذا أن مكة تَعُّجُ بالمعاصي..؟؟ و هل لنا أن نتألى على الله وليس بيننا عمرٌ أو عثمان..؟؟ لم أسمع أحدًا يتحدث عن ما آل إليه العالم بعد تداعيات كورونا..!! توقف الإحتباس الحراري و ذوبان الجليد الذي يهدد العالم بحدوث فيضانات، الدلافين تسبح في ماء البندقية لخلوها من التلوث، الروابط الأسرية عادت من جديد بعد حظر التجول.. طفرة التكنولوجيا أخذت مكانها الصحيح لأول مرة وأجبرت العالم على تفعيل طرق التعلم والعمل عن بعد.
على صعيدٍ آخر.. لم أسمع احتجاجًا على الإتحاد الأوروبي لعدم تقديمه المساعدة لبعض الدول الفقيرة، جشع التجار برفع أسعار السلع، كثرة المستودعات التي تخبئ المواد الغذائية لبيعها بضعف السعر في وقت الأزمة، بالطبع لا..!!
فالحديث عن الأهوال وتخويف الناس أكثر متعة.. الجميع يتحدث فقط عن غاز السارين ونظرية المؤامرة..!! الآن أصبحنا نكفر من نشاء، ونجزم بمعصية فلان من براءة فلان..؟؟ بل ونقرر أي نوع من البلاء هو..؟؟ يتغافلون عن قوله تعالى؛ “ولو شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” ونسوا أنه إذا اشتد الكرب وعظم البلاء اقترب فرجه تعالى..!!
لا يذكرون الله وعقابه إلا في وقت الشدة، لله تسعةٌ وتسعون اسمًا منها الرحمان، الرحيم، الغفور، ونحن لا نذكر إلا شديد العقاب..!!
الله قادرٌ على أن يجعل الأرض هشيمًا بقوله كن فيكون، دون أن ينتظر حكم العباد، خُلِقناَ على هذه الأرض لتعميرها وللعبادة بأمرٍ من الله، لو مات أحد العلماء لقلنا شهيدًا اصطفاه الله ليكن بقربه، ولو مات طفلٌ في مهده قالوا عقابًا لوالديه..!! فلنتوقف عن التكهن بمشيئةٍ ليست لنا في المقام الأول وعن القاء التّهم على البعض جزافًا، ولننهي مسألة القاء اللوم على العقوبات الإلهية في كل مرةٍ يصيبنا فيها البلاء.
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه
تويتر : Tweets by shababeks_1
سناب شات https://www.snapchat.com/add/shababeks_1
انستقرام: https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك : https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com