تصدعات الورق.

مشاري الوسمي
رئيس مجلس الإدارة

@smoh_2010

في أقسى مراحل العمر يكون النضج، وحين يبلغ الألم منتهاه يكون العلاج، وفي أحلك الليالِ ينبثق نور الأمل.
تلك قاعدة الحياة، لابد من المرور على الأزمات حتى نصل إلى بر الأمان، وما التجارب إلا دروسٌ نبني بها المستقبل.

حروفنا قد تصل مبتورة، ناقصة، غير مفهومة، وإن تجاوزت كل ذلك لن يصل إحساسنا كما نريد، بعض المشاعر جبانة لا تترجمها الكلمات، تبقى حبيسة الأعماق، يعلو ضجيجها في وسط سكون النفوس الكسيرة، كحجر عثرة في شرايين الأفراح، حينها تثقل النفس كحمل الجبال على الأكتاف، تقصم الظهر و تأبى الأقدام حملها، حتى يهوي الجسد متهالكًا على مقعد الحزن، فليس له مخرج، سوى البوح بما يعتلج داخل صدره، أو نوبة صراخ عالية تهز أرجاء كيانه والمحيط الذي يعيشه.

لكن الورق هو المنقذ الوحيد، بئر الهموم الذي يحمل أطنان الحروف والجمل المتنافرة، واللغة الركيكة، والمشاعر المتناقضة، ومع ذلك يستوعبني ويحتوي رجفة يديَّ ودموعٍ ملأت أركانه.
تدفق الآلام، لحظات السعادة، ما قلت وما لا أستطيع قوله، وما كنت أريد أن أقوله، خانتني كلماتي، يبست حبالي الصوتية، جف حلقي، ارتعشت حروفي واختنقت أنفاسي..

دموعي سيدة الموقف، وضعت حدًا لكل شيء، فتوقف عقلي عن محاولة التفكير، فقدت السيطرة على أطرافي، فسقطت يداي وحملتني قدماي بعيدًا، وها أنا أكتب ما لم أفعل.
أمنياتي، أحلامي، أفكاري العقلانية وأكثرها جنونًا، سمفونية الشوق التي تنتابني تحت جنح الظلام، مشقة البحث عن الذات، شق عباب الصعاب، الحفر بين الصخور لتحقيق أحلام المستقبل..

كل ما سبق وما سيأتي، تحمله أوراقي العظيمة، رغم عظم ما تحمل إلا أنها حافظت على رقتها وصمدت، لها رائحة الذكريات وملمس الحياة.
رغم عنفي، هدوئي، حزني، وهجري لأوراقي حين الفرح، رغم تناقضاتي لم تتصدع يومًا، تحتويني متى عدت ولا تشتكِ هجري.
دمتم بحُبّ، صامدين، للصعاب متجاوزين.