بقلم : شوق محمد .
أتذكرها ولا زالت تلقي السلام على كُل شيء، على الحجرِ والشجر والمنازل العامرةِ والخالية، كانت ولا زالت صديقة الضعفاء لا تتوانى عن المساعدة إذا استطاعت، تشهدُ الليالي السوداء بياضها يشقُ الدجى تحت سوادِ عباءتها ولها مع كُل يدٍ حكاية، وخلف كُل باب غرست لها نخلة، كانت أمُّ الجميع لم تكُن يوماً أُمي وحدي، صادقةً لا يعرفُ محياها الكذب، تتحدثُ عيناها وهي صامتة، صوتها الحنون الذي لا يخلو من ذكر الله، لا يرتفعُ إلا للترحيب بالضيوف، ولطالما شعرتُ أن في كلمة “يا هلا يا مرحبا” من فمها بيتاً واسعًا يسعُ الجميع.
كانت نعم المعلمة الفاضلة التي تركت في كُل بيتٍ شجرة، علّمتنا ما لم تعلمنا إياه الكُتب، ولا زلت أتذكر تزاحم الصغيرات عليها في كل مناسبة، فقط ليعبرن لها عن محبتهن التي تخطت حدود ممرات المدرسةِ الباردة، في عينيّ كلما زاد العمر كلما تعاظمت أفعالها أمامي، ليس لأنها أمي بل لأني أرى أن فيها مثالاً إنسانياً يجب أن يُدرّس، مثالاً عن التفانِ في العطاء، قد كانت في ليالِ الشتاء الباردة تصافح الطالبات واحدةً تلو الأخرى، من يراها يعجبُ من عنائها لفعل ذلك، ولأنها أمي كنت أعلم، في داخلي أقول:
تتفقد أحوالهن، يدُ أمي لو كانت تتحدث لتحدثت عن قصصٍ نعلمها وقصصٍ لا نعلم، يدها التي لانت من كثرة التربيت والمصافحة والعناق يدها التي ذبلت في سبيل قضاء حوائج الناس.
أمي جمعت النقائض كلها، قوية تقية، حازمةٌ حنونة، شجاعةٌ مشفقة، ولطالما نلتُ احتراماً لم أكن أستحقهُ فقط “لأنها أمي.
فلو كتبت عَنْهَا لقصُر الكلام وهو طويل، ولسمعتم من بين السطور أصواتًا لأطفالٍ يرددون القرآن، ودعوات نسوةٍ عجائز، وصرير أبوابٍ صدئه فُتحت في فرح، ولا أدري أي نعمة عظيمة خصني بها الله، كي يختار لي من بين النساء أعظمهن لتكون أمي.
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com