الكاتبة : الجوهرة القفاري .
في آخر حلقة من أي مسلسل درامي تتابعة منذ أكثر من شهر، تهرول خلف أحداثه، وتنزعج لتغيراته، وتتوقف أمام آلامه، وتنتظر بشوق أحداث الحلقة المقبلة.
وتصل كالمعتاد للحلقة الأخيرة، وكأن الكاتب يريد أن يلخص لك هذه الحياة، ومن بها، بحلقة واحدة تختصر لك كل الحلقات، لا تعلم لِمَ دائماً تجعلك الحلقة الأخيرة تندم على حلقات من حياتك ! ومشاهد من أيامك! وأوجاع وضعتها في ظرف ثم دفنتها بين أوراق كتاباتك القديمة، ونسيت اسم الكتاب، وسقط سهوًا اسم الكاتب !
وفي الحلقة الأخيرة يسقط الكتاب من على درج مكتبتك، ويستقر فوق رأسك ويتساقط منه جميع ما دفن به من أوراق فتتناثر كل الذكريات، وتنجلي كل الملامح فتقف أمامك حائرة صامته لا حياة فيها! وتجلجل كل الأصوات فلا تعلم هل تكمل الحلقة الأخيرة من المسلسل الذي تتابعة منذ شهر وأكثر، أم تقف لتلملم مشاهد كتبت منذ أعوام وصمتت منذ سنين، ودفنت عبر الحياة. يستمر المشهد عبر هذا المربع المسمى بالتلفاز غير عابيء بأوراقك ولا أصواتك ولا فصول حياتك، تلملم باستحياء أوراقك المبعثرة وتعيدها لمقبرتها داخل كتابك القديم، وتعود لتستكين على أريكتك الزرقاء، لتكمل أخر مشاهد المسلسل الذي يصر كاتبه كأي كاتب في أي عرض تلفزيوني عبر العصور، يصرون على أن يختاروا شخصًا وأحدًا يكون هو النهاية! رغم كثرة عطاءاته وتسامحه وحبة وإصرارة على البقاء إلا أنهم يصرون جميعاً على أن يكون هو جريمة قلمهم فيقتلوه دون رحمة.
لم تشفع له طيبته، حبه، عطاؤه، تسامحه، ومع كل هذا يكون هو الشخص الوحيد في المسلسل الذي يغادر بموت ولا يكمل بقية حياتهم.
وأنت الجالس على أريكتك الصامتة، ووجهك المبلل بدموعك التي تحرق جفنك، وتؤلم أهدابك، تتابع بصمت وحيرة وتتمتم لماذا هو؟ سؤال يتردد مع كل حلقة أخيرة، لكن كل كاتب يصر أن يكرر هذا المشهد ويجلدك بالسؤال. وتصر أنت رغم تكرار المشهد أن تحرق وجنتيك فتتناثر أيامك وأحلامك وأعوامك رغماً عنك، وفي غفلة منك، وبعد الاشتعال تنطفيء كأي شمعة تنطفيء بعد انسكابها!، تأخذ نفسًا عميقًا تشعر بوجعه حد النخاع، وتنتهي الحلقة الأخيرة، يصمت كل شيء إلا ضجيجٌ في داخلك، لا يزعج أحداً سواك، ثم تحرك رأسك وكأنك تطرد شيئًا ما، وتقف لتلملم ما سقط منك وعبرك وبك من حروف وأوراق وأوجاع وذكريات وملامح ، وتدفنها في كتابك القديم.
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com