بقلم : #أكرم_توفيق .
بعيدًا عن مخاطر كورونا وقوانين المنع الوقائية وبريستيج الذات المقنعة بالكمال، سأضرم لبرهة في جوفي النار لأتحول إلى مضخة طاردة للاكسجين تعبث بعليل الهواء.
لساعة كاملة قررت أن أكون تنينًا مشتعلًا بمخلفات النار.
للتو عزمت إفساد محيط نزلاء القهوة بجانبي، سأمنحهم هواءً مكررًا بنكهة البطيخ والنعناع .
بالتأكيد أنهم ملو اصطحاب الهواء العديم لدواخلهم، فاستنشاق رائحة مختارة أظنه أمراً سينال استحسان ذائقتهم المختبئة خلف الرفض، وإن تنمر أحد فليس بوسعه الا ازدراء جنوني بنظرة غيظ ثم ينصرف.
رائعة تلك المِدخنة التي تتصاعد عُلواً بتدافع من فمي وبقايا أنفي.
الصدور المتشنجة في تلك الثانية المتجمدة تأخذك بعيدًا، “شاردة من الذكريات المعجونة بالتفاصيل “تختطفك مع أول كوب معتق من الشاي فتذوب فيه كقطعة سُكر أثناء تجديفك بالملعقة في محيطه.
لحظتها وقبيل احتساء كوبك المرتعش ستغوص في أعماق الماضي، وتتسلل خارج المجرة بحثاً عن الغيب قبل أن يصيبك لفح شهاب مُطارد.
النادل كثير الثرثرة، يقطع حبل الذكريات وتسلسل رغبتي في اقتصاص ما أحتاجه منها.
ملحمة تدور رحاها بين قنينة الهواء المؤكسدة في يدي ، وصراع مخيلتي ورئتيَّ المهددتين بكوفيد اللعين هي التي ستدفع الثمن.
كوبًا إضافيًا سيدي النادل، واعتذر عن فوضى الدخان .
فما بوسعي فعله أنني سأرضيك بحفنة نقود خارج فاتورة الحساب عند المغادرة، هيا انصرف.
عليك بالصمت وإحلال مقاعد المنزعجين بأخرى ولا تقطع حبل وسواسي ولا تعُد.
تتقاذفني المواقف بسرعة وعلى قارعة الحنين ينتصف مسار العابرين
وقطار الحنين يعبر وشريط العمر يمر.
المطارات مكتظة بالراحلين، النوافذ نعسى تتأمل من خلفها توابيت الخيبات ومحطات الألق والورد قبل الذبول !
الأرض المبتلة بعبث أقدامنا بعد سقوط المطر.
الأرجوحة والإطارات المشتعلة إيذاناً بحلول رمضان .
سباق الصبية وحلبة المصارعة بين استراحة الحصة الثالثة واقتحام مزرعة جارنا المليئة بأصناف فواكة الموسم.
أحاول سرقة ما أمكن من تجليات الضوء، فتلك الأيام المشرقة نادرة الحضور وعتمة العشرين موحشة للغاية.
لم تحصنا الدولة بلقاحات الوعي كما كانت تفعل للوقاية من مرض الحصبة وشلل الأطفال !
لم تكترث الأمهات لإرضاع أطفالهن بقيم التعايش والرضا والسلام، كانت تُدِر صدورهن بالحليب الأسود فقط.
“ليت أرحامهن الطاهرة أسلمتنا قاذفات الموت في معارك الفجور المستعرة يومنا! !
خطيب مسجدنا والقبة المتسمرة في رأسه والسبحة بيمينه كان أول المسعرين لاقتتال بعضنا، ونسي الأمس الذي خطب فيه عن الجنة ليرينا النار قبل القيامة.
اوووووو
حتى الفتيات الأكثر نزقاً لا تغريهن قنبلة شوق ولهفة طهر وإن انفجرت، يبحثن عن قُبلة ماكرة من عاشق مزيف يلهثن خلف سراب ثري واستلطاف ثمل!
فرط الدلال وهواتف اليابان شوهت صورة الحب وجعلت من الأنثى تحفة محنطة أمام أفلام التغريب والمرايا المزيفة.
وأكملت الحرب عسكرة وتعكير مزاج البقية.
وأمام بهو الاستعراض الأعمى لغابر فائت تفشل كل محاولاتي في استرجاع أجمل ما فُقد من الملامح النقية لعمر أفل.
ايها النادل
خذ نقودك
وخذ دخانك
وكوبك الفارغ
وخذ روحي إن فطنت .
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com