الكاتب : محمد علي الشيخ
وكأن الليل العجول ربت على كتفك : أن تلقى نور ربك كاشفا ورحيما. تطل من فم محطة ( بارك ستريت ) كذوات الجحور ؛ فيثب الإخضرار كالمفارق بلا رحمة ، يلمك حتى السيولة ؛ كالمراهقين في أحضان الغواني، والمولودين في الضوء، والغارقين في العسل. أنت الآن في (بوسطن كومنز) عليك أن تختار الشعور الذي يلهمك ماشرد من إنسانك، وتستظل … وتتنقل كالعاشب، وتهمل بعض علمك، وتمحي كل السواد الذي ضللت به خصومه الإنسان مع الطبيعة.
تتوزع الأشجار المعمرة والفتية على خطوط مستقيمة ومستديرة كراقصات الباليه، وتفترش بساطا كساه تداخل الألوان بهجة وبهاء، وترمي بظلالها على أحواض الماء كتلاوة تستحضر الجن في غفلة من آيات الاستعاذه. تجاور (بوسطن كومنز) (ببليك جاردن) تلاحظ الفروق الدقيقة بين الحديقتين ؛ كأنما الأولى بقايا غابة خضعت لعمليات تجميل بسيطه … والثانية عني بها هواة الهندسة الجمالية ؛ فينتابك حس المقارنة والمقاربة، وتدرك ان الكمال : في التصالح.
تتيح لك المقاعد المتباعدة مساحة من التأمل والخصوصية ؛ فتسترجع قصائد قومك ومقاطع من اغنياتهم. ينتشلك الإبهار، وتدخل في اختبار مع ذاتك العطشى خارج بيئتك المحاصرة بالأسوار ونصوص النهي ؛ فتتبادل البراءات والتهم بين جدية الطرح وفاصلة من (الطرافة) خارج سلطة الرقابة. يمكنك ان تقيم هنا دون مسائلة ودون ملل ؛ وكأنك لا أمان لك إلا أمانها ” ماأشبه لندن بقريتنا ” هكذا خاطبت ليزا : في حالة كهذه ومكان كهذا … ومزاج كهذا . ليتها تسقط الزمن من حسابها … هذا الزمن اللاصق بمعصمها. لحظتها أحسست اني أحد الواردين في كتب العشق. صادقة هذه المرأة … وقلبها أبيض كالثلج. كنت هناك في (لندن) في رحلة علاجية برفقة اختي (مزنه) الآن يتنزل هذا المشهد : لوحة لوحة أمام هذه الأمريكية الشابة التي تعزف واقفة على (الكمان) بمواصفات المكان والحالة والشهية… ولغة النهار الآيل للراحة . أنا عربي قادم من الشرق أبحث عن (جولييت) وهذه هي …هي . قالت : إنني قادرة على تمييز لونك وشعرك.
اقترب موعد العودة، وساعة القطار لا تتقدم ولا تتأخر كأجل الموت، وضعت خمسين دولارًا بعناية فيما امتد من مفرش آمن تحت قدميها، تضررت من استجدائها، ووثقت ملامحها كبطلة رواية، سحبت نظري قبل ان ترتاب ؛ فأهلك.
وتعثرت في حركة الرجوع للخلف، لقد خارت قواي على سطوحها البارده.
( يتبع )
رابط الجزء الأول ؛ https://shababeks.com/2020/04/17/in-6/
رابط الجزء الثاني ؛ https://shababeks.com/2020/05/04/ap/
رابط الجزء الثالث ؛ https://shababeks.com/2020/05/10/zi-4/
رابط الجزء الرابع ؛ https://shababeks.com/2020/05/14/vn/
رابط الجزء الخامس ؛ https://shababeks.com/2020/05/27/dx-6/
رابط الجزء السادس ؛ https://shababeks.com/2020/06/03/wb-3/
رابط الجزء السابع ؛ https://shababeks.com/2020/06/15/yv-9/
رابط الجزء الثامن ؛ https://shababeks.com/2020/06/19/xz-3/
رابط الجزء التاسع ؛ https://shababeks.com/2020/06/28/zo-5/
رابط الجزء العاشر ؛ https://shababeks.com/2020/07/05/ne-4/
رابط الجزء الحادي عشر ؛ https://shababeks.com/2020/07/14/zi-5
رابط الجزء الثاني عشر ؛ https://shababeks.com/2020/07/25/vt-10/
رابط الجزء الثالث عشر ؛ https://shababeks.com/2020/08/06/sk-12/
رابط الجزء الرابع عشر ؛ https://shababeks.com/2020/08/15/xg/
رابط الجزء الخامس عشر ؛ https://shababeks.com/2020/08/26/ah-3/
رابط الجزء السادس عشر ؛ https://shababeks.com/2020/09/08/xy-4
رابط الجزء السابع عشر ؛ https://shababeks.com/2020/09/17/ix-21/
رابط الجزء الثامن عشر ؛ https://shababeks.com/2020/10/08/xs-5/
رابط الجزء التاسع عشر ؛ https://shababeks.com/2020/10/21/gd-26/
رابط الجزء العشرون ؛ https://shababeks.com/2020/11/07/di-14/
رابط الجزء الواحد والعشرون؛ https://shababeks.com/2020/11/23/xv-3/
رابط الجزء الثاني والعشرون؛ https://shababeks.com/2020/12/12/gj-6/
رابط الجزء الثالث والعشرون ؛ https://shababeks.com/2021/01/02/jl-6/
رابط الجزء الرابع والعشرون؛ https://shababeks.com/2021/01/19/fb-16/
رابط الجزء الخامس والعشرون؛ https://shababeks.com/2021/02/04/jo-23/
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة أدناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار تفضلوا بزيارة موقعنا : http://www.shababeks.com
التنبيهات/التعقيبات