بقلم / جمال بنت عبد الله السعدي– المدينة المنورة
وصلني قبل أيام إصدار قيم علمي أدبي فكري ثري بالمعلومة الوافية وأسلوب العرض السلس الشائق تحت عنوان “شواهد من اللغة العربية في ضوء الاهتمام العالمي بها ” ليضاف إلى باقة من الإصدارات الأدبية والفكرية للمؤرخ والأديب التربوي الدكتور تنيضب الفايدي ضمن إصدارات نادي حائل الأدبي الثقافي عام 2016م صادر عن دار المفردات للنشر والتوزيع واستند فيه لأكثر من مائتي مرجع . ويعد إضافة مميزة للمكتبة العربية .
وكأنما جاء الكتاب في حينه ، ونحن نعد أنفسنا ببهجة استقبال اليوم العالمي للغة العربية والذي يأتي بتاريخ 18 ديسمبر من كل عام ، والذي جاء اعترافا بهذه بمكانة اللغة العريقة السامية التي يتحدثها مئات الملايين حول العالم بما يفوق ٧٥٠ مليون شخص وهي أحدى ست لغات معتمدة بالأمم المتحدة ،حيث جاء القرار رقم 3190(د-28) في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 م ، و بموجبه تم اعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل فيها.
جاء الكتاب في مقدمة ومباحث ثمانية تتناول تعريف اللغة وأهميتها و وظائفها بصفة عامة ، من حيث أنها وسيلة للتفاهم والتخاطب، والتواصل والتعبير عن النفس البشرية وعواطفها ومشاعرها واحتياجاتها، و توثيق تاريخ المجتمعات وحضارتها وعلومها ومعارفها ،ومآثرها وبطولاتها وأخلاقها وقيمها.
قيل في اللغة :
رأيت لسان المرء رائد عقله وعنوانه فانظر بماذا تُعنوٍن
و لا تعدُ إصلاح اللسان فإنه يُخبٍر عما عنده ويبين
ويعجبني زٍي الفتى وجماله فيسقط من عيني ساعة يلحنُ
و يتطرق الكتاب بأسلوب الدكتور تنيضب الفايدي المعتاد والمتميز الى اللغة العربية تاريخيا حيث أنها تعد من أقدم اللغات بالعالم، ومنبثقة من اللغات السامية بين شعوب منطقة الهلال الخصيب ومصر منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد .
و تناول فيه الاهتمام بها عبر العصور من خلال إقامة الأسواق المشهورة لدى العرب كسوق ذي المجاز ومجنة وحباشة وعكاظ ، ودور القرآن الكريم في حفظ اللغة العربية ، وتواصل الاهتمام بها بصفة خاصة مع نزول القرآن الكريم باللغة العربية ، حيث أن الاهتمام بها يعد بقوة الاهتمام بالعلوم الشرعية ، ومن أقوال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :” تعلموا العربية فإنها تثبت العقول وتزيد المروءة”
وبالتالي أشار في مباحث الكتاب لدورها في بناء الحضارة الإسلامية والهوية الوطنية لدى شعوب العالم العربي ، ومساهمتها في النمو الفكري.
أما عن مميزاتها فعدد منها الاشتقاق والمرادفات والاضداد والإعراب ودقة التعبير, وتطرق إلى مجموعة من التحديات التي تواجهها كالدعوة للعامية ، واستخدام الاحرف اللاتينية ، ودخول اللغة الانجليزية وغيرها من اللغات على وسائل الإعلام العربية المرئية والمسموعة ، و لم يغفل ذكر أهم العلماء الذين ساهموا في خدمة اللغة العربية وإصدارتهم التي تعد مرجعا هاما للغة كما أشار ابن خلدون في مقدمته بقوله ” أدب الكاتب لابن قتيبة وكتاب الكامل للمبرد وكتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب النوادر لأبي علي القالي وما سوى هذه الأربعة فتوابع لها وفروع عنها ” كما أضاف ركنا خامسا وهو كتاب فقه اللغة وسر العربية للإمام اللغوي أبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي والذي ذكر في مقدمته ..
( من أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومن أحب النبي العربي أحب العرب ، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب ، ومن أحب العربية عُني بها وثابر عليها وصرف همته إليها … الى قوله والعرب خير الأمم والعربية خير اللغات وبالألسنة ، والإقبال على تفهمها من الديانة إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين وسبب إصلاح المعاش والمعاد ..) .
وتناول الكتاب أيضا دور الأدب و الشعر العربي وتطوره و وظائفه، كما استعرض العديد من الشواهد البلاغية في اللغة العربية و شواهد من الحكم وشعر الغزل، وذكر أسماء عديد من الأئمة والعلماء كان لعلمهم وأدبهم وشعرهم دورا في حفظ اللغة العربية كالإمام الشافعي الذي تفقه باللغة والدين ، والخليل بن أحمد البصري الفرهودي ،والأصمعي عبد الملك الباهلي ، وأبو عمر الشيباني أسحاق بن مرار ، وسيبويه وابن قتيبة والكسائي علي بن حمزة ، والفراء يحى بن زياد ،وسعيد بن أوس الأنصاري ،والقاسم بن سلام ..وقائمة تطول لكل منهم باع طويل و ترك ميراثا ثريا للغة والحضارة والفكر والأدب العربي عبر التاريخ تحتار فيما تختار بينها .
يقول ابن تيمية : “إن اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهمان إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب “
هذا الكتاب يعد مرجعا قيما يستحق العناية باقتنائه وقراءته و دراسته لعشاق اللغة العربية و ناشدي البلاغة والفصاحة والبيان .. حديقة غناء تقتطف منها ما لذ وطاب وما أخذ بالألباب من سحر البيان و درر الكلم و الخطاب .
وجدير بنا في اليوم العالمي للغة العربية تعهدها درسا وحفظا واعتزازا وانتماء ، والتغني بمزاياها والتنعم بجماليتها ، والتمتع ببلاغتها وفصاحتها ، وتعليمها أجيالنا الحالية ، وتوريثها للأجيال القادمة، لتكون دوما لغة الحضارة والعلم والثقافة والفن والأدب على مر العصور ، فهي لغة القرآن الكريم والنبي الأمين وهي لغة أهل الجنة . ولطالما كانت لغة طلبة العلم في أوج الحضارة العربية والإسلامية.
وحري بأهل اللغة العربية خاصة والمسلمين في كل مكان عامة المحافظة على لغة القرآن الكريم لتبقى حية في قلوبهم وأنفسهم ووعاء حضارتهم و ثقافتهم .
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة ادناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار المنوعة الدخول : http://www.shababeks.com
الأستاذة الأديبة .. جمال عبدالله السعدي ، سلم منطوقك وزكت كلماتك وما ذاك إلا لمخزون أدبي وثقافي عميق . فقد قرأت ما كتبتموه حول كتابي عن اللغة العربية فجزاكم الله خيراً وكتب الله لكم التوفيق والسداد .
ولعل المراجع نهاية الكتاب كما تعلمون- أستاذة جمال- هي معالم وعلم في حد ذاتها ومن أراد الاستزادة فليرجع لها .
تنيضب الفايدي