بقلم : شوق محمد .
في السعة يستطيع الفارس أن يشتري أي فرس ، ولكن في الضيق وحدها الفرس الأصيلة هي الفارقة ، في الرخاء يعلّق الناس على جدران مجالسهم سيوف الزينة وفي الشدة يطلبون المعادن النفيسة من الهند والسند ؛ لصناعة السيوف الجيدة فيحدونها حتى تدمي أيديهم بغية الذود عن أنفسهم .
ومن هُنا نتطرق لموضوع ( صناعة الجودة ) ولكن من منظور مختلف تماماً ؛ فلكل شعوب الأرض معايير جودة تميز الناس عن بعضها قد تكون صفات خارجية مكتسبة أو داخلية نابعة من الذات. ولم تأتِ هذه المعايير بمحض الصدفة بل بعد تاريخ طويل من الكر والفر والمقاومة والخنوع .
على سبيل المثال كانت معايير الجودة في الحضارة اليونانية جوهرية بحتة والتي تُرجمت من بعدهم في الفلسفة والفكر والتأمل، أما الحضارة الرومانية والإغريقية فقد كانت معايير جودتهم تقتصر على المظهر وقوة الجسد وتم ترجمتها في ما تركته من الإرث الكبير في التماثيل والرسومات للأجساد العارية مفتولة العضلات المثالية الخالية من العيوب، أما الحضارات الأخرى كالبرهمية والسلالات الحاكمة في الصين والفرعونية تمثلت معايير الجودة فيها فقط بالسلالة الحاكمة فكان الفراعنة على سبيل المثال يتزوجوا من بعضهم البعض حتى لا يختلط دمهم بالعوام ، العوام الذين دأبوا على عبادتهم وخدمتهم في كل شيء .
ولو أردنا تحديث هذه الفكرة لوجدناها حاضرة في القرن الحادي والعشرين بالسياسة عن طريق ( نظرية المليار الذهبي ) والتي تقتضي لتقسيم البشرية لمستويات وطبقات والعرق الأبيض هو أعلى الهرم والملونين فيما دونهم وعلى إثر هذه المعادلة استباح البيض أموال وثروات الشعوب فاستعمروهم واستعبدوهم وأبادوهم في الحملات الصليبية واستمرت هذه الفكرة إلى زمن ليس بالبعيد بل قبل عشرين سنه من الآن أقيمت مجزرة في روندا تم إبادة ثمان مائة ألف شخص فقط للتميز العرقي ولا شيء آخر .
ولوجدناها أيضا حاضرة دينياً ومذهبياً
في كل الأمم والمذاهب التي نادت بأنها شعوب الله المختارة
والمصطفاة في آخر الزمان
و لوجدناها أيضاً علمياً حاضرة بمسمى ( علم التهجين ) والهدف منها إيجاد سلالات خارقة مثالية من كل شيء ، وذلك بغية اختيار الصفات الجيدة فقط
فنجد من العلماء من يجتهد في تهجين الحيوانات وتعديل النباتات جينياً فقط ( لصناعة الجودة )
ومن هنا تنهال الأسئلة ، هل الإنسان فعلاً خاضع لهذه المعايير وهذه المعادلة ؟!
وهل الحفاظ على الجينات كما هي يحافظ على الجودة أم يُدَمِّرهَا بالأمراض الوراثية الناتجة عن تكرار نفس الشفرة الجينية ؟!
وهل الجينات الوراثية الجيدة تستحق أن يتم الحفاظ عليها وكأنها سلالة نادرة ؟!
مثلما فعل العرب في سلالات الخيل والتي تباع حالياً بأسعار فلكية فقط لأن جيناتها نقية .
حتى أنه يُقال إذا اختلط على العرب قديماً معرفة الخيول الأصيلة من الهجينة جمعوها وحرموها من الأكل وضربوها بالسياط بلا تميز ولا هوادة
وبعد أن تُهان الخيول جميعها يأتون بأكلها وشربها فتنقسم الخيول إلى قسمين
منها من تأتي مهرولةً للأكل بعد الجوع ، ومنها من تشوم نفسها وتأبى أن تأكل من يد جلّادها ؛ وهذه هي الخيول الأصيلة .
بالنسبة لي أرى الأمر من زَوَايَا مختلفة وعديدة ، أولها دينيٌ، فقد قال الله عز وجل في محكم كتابه ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) أيضا قال ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ)
وهذه حكمة الله أن جعل البشر مختلفين متفاوتين في ألوانهم واتباعهم ولغاتهم وحضاراتهم ، فالاختلاف لا يعني قلة الجودة ، بل في كل أمةٍ هناك ( صفوة ) وفي كل شعب يوجد من تَمِيز لأنه فارضٌ نفسه على غيره في شتى أمور الحياة ،وفي الدين الإسلامي البشر ليسوا إلا سواسية والله لا ينظر لوجوهكم ولا لأجسادكم بل قال ( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ، أما بالنسبة للنظرة المجتمعية أي نعم إن الصفات الوراثية الجيدة تورّث وكذلك السيئة، لهذا قيل ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) .
فالكريم ابنهُ كريماً والشجاع ابنه شجاعاً والحرةُ تلدُ حراً
والشجرة على الماء الذي تشربهُ تثمر ، ولكن بدون فخر زائف او تحقير لشأن الغير .
يقول علي إبن أبي طالب
ليس الفتى من قال كان أبي
إن الفتى من قال ها أنا ذا
كن ابن من شئت واكتسب أدبا
يغنيك محموده عن النسب
وأفضل الناس من اجتمعت فيه الإثنتين مثلما قال الرصافي .
وخير الناس ذو حسب قديم
أقام لنفسه حسباً جديداً
________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة ادناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار المنوعة الدخول : http://www.shababeks.com