بقلم / حامد الظاهري .
عبارة نقرؤها ونسمعها كثيراً في المنتديات والمؤتمرات وحلقات النقاش، حين يتم عرض الحالة الراهنة لشيء ما والتوقعات المستقبلية له، نجد تلك العبارة تقفز على الفور “بين الواقع والمأمول” .
ياترى هل توقف الإبداع البشري عندها ؟ أم أن النفس الإنسانية تطمئن إلى ما توارثته من السابقين فأمست تلك القوالب اللفظية مسبقة السبك و”الكليشهات” الجاهزة هي الحاضرة في كل محفل ؟
أستغرب في بعض الأحيان كيف يمكن تطوير أي شيء إذا كانت العقليات التي تدير ذلك الشيء هي نفسها ، لم تتغير ولم تُغَيِّر سوى بعض الأدوات في التنفيذ، وما عدا ذلك لا تزال الكثير من العقول التي تحرك منظومات العمل تزرح تحت أكوام من الملفات الخضراء، فهل ياترى سيكون المحتوى مبتكراً إذا كان عنوانه تقليديًا؟
على الجانب الآخر لا أدعو كذلك إلى الاستغراق في تطوير الألفاظ أو العناوين لدرجة الأمركة -إن صح التعبير- واستخدام كلمات عربية ذات سياق غربي مثل كلمة (حرفياً) ، والتي يشعر المرء أنها كلمة مستوردة كلما قرأها أو طرقت مسامعه وهي بالفعل كذلك، ويمكن الرجوع لمصادر اللغة لمعرفة المزيد عنها وعن غيرها من كلمات هجينة، حتى لا نستطرد في فكرة جزئية وندع الفكرة الرئيسة.
نحن نعيش بين كفتي ميزانٍ لعقولٍ استغرقت في التقليدي ، وعقولٍ استغرقت في المستحدث ، وما بينهما شريحة عريضة من المجتمع، بعضها أكثر ميلًا للأولى من الأخرى وبعضها الآخر على النقيض، يوجه ميل كلا الطرفين، عوامل عدة، (اجتماعية وثقافية… إلخ ). الغريب هي تلك الشريحة التي تفكر بطريقة تقليدية وتعمل بطريقة مستحدثة ، والوجه الآخر لها الشريحة التي تفكر بطريقة مستحدثة، وتعمل بطريقة تقليدية، كلتاهما دفتا كتاب واحد، وإن اختلفت اللغة المكتوبة به.
وهنا يُطرح التساؤل : ما الفرق بين إنجاز تقليدي فيه مسحة حديثة ؟ و إنجاز ٍحديث بطريقة تقليدية ؛ من وجهة نظري أرى أن كليهما سيان، حين يكون هناك توليفة بين الاثنين تعبر عن هوية المنفذ، وتحمل روح المعاصرة، تلك معادلة ليس من السهولة الوصول إليها، وليست مستحيلة، على سبيل المثال :
الذي يفكر في تركيب ديكور تراثي ، سيأتي بالمواد القديمة، جذوع النخل، السدو .. إلخ، ويضعها ظناً منه أنه صنع ديكورًا تراثيًا، وفي الواقع هو نقل صورة ذهنية من خلال التقليد، بينما لو استلهم مثلاً من جذوع النخل ومن السدو ما يعبر عنهما، ووظفهما بطريقة صحيحة في تركيب الديكور لخرج بنتائج مذهلة.
قد يقول قائل:” لابد من الثبات على الأساليب المتعارف عليها ولانقبل بالتطوير “، حسناً إذا كان التطوير يحافظ على الهوية ولا يخرج عن دائرة التحسين نحو الأفضل ويراعي الخصوصية الثقافية للمجتمع؛ فما المانع إذاً منه؟ لم تكن الأصالة ذات يوم قالبًا من جمود، ولم تكن المعاصرة ذات ليلة كمية من سيولة، التوفيق فيما بينهما يحتاج إلى الحكمة والتجرد من الأهواء الشخصية والميول الفردية وتأمل التطوير قبل الشروع فيه بعمق وبعد نظر.
_________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة ادناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
فيسبوك :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
انستقرام:
https://instagram.com/shababeks1?r=nametag
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار المنوعة الدخول : http://www.shababeks.com