الكاتبة – ليلى الأحمدي .
فوضى الذكريات تترتب في رمضان ، تصطف في ذهني وتتخذ لها مكانًا دانيًا .
ففي الفجر تتردد في سمعي الآية الكريمة ( وقرآن الفجر ..) بصوت والدي رحمه الله ، ولاتفوتني صورته وهو يجلس في الروشان يقرأ ويرتل بصوت شجي ، وفي وقت النوم هناك من يزورني ويتلو عليَّ آيات لا أستبينها لكنها تهبط على جسدي بردًا وسلامًا بصوت والدتي رحمها الله ، وفي العصر وقت إعداد وجبة الإفطار هناك وجوه وأصوات بعضها لازال موجودًا وبعضها غادر ، تشاركني الملاعق والأطباق ، وتمسك بيدي لأتقن الطبخة وأضع البهارات الخاصة .
أوضح هذه الصور لأختي الكبرى ، التي كنت أراقب مهارتها في إعداد الحلوى وسرعتها في الإنجاز وترتيب المائدة ، والتي كانت تلاحظ شغفي بالعمل فتعطيني مهمة صغيرة مثل تقليب الخلطة ، أو تقشير الفستق أو حتى تذوق مستوى الملح في ال(شُربة) ، لا يغادرني صوتها وهي تردد: هيا يا شطورة قشري هذا ، أو اخلطي هنا ، وأراها وهي تناولني ملعقة الشربة بعد أن تنفخ عليها : كيف الملح ؟
حتى رائحة الهيل التي تفوح مع اقتراب وقت الإفطار ، والمستكة التي تتبخر بها ال(كاسات) تذكرني إياهم .
رمضان لا يسمح لنا بالنسيان ، فكل نسمة رمضانية تنبس بأطيافهم ، رمضان لا يليق به الجفاء ، وبرغم تغير معالم المدينة واختفاء حاراتنا وأزقتنا والتي كانت توصلنا إلى ساحة الحرم بدقائق سيرًا على الأقدام إلا أنها شاخصة أمامي بإضاءتها الخافتة وتعرجاتها الحميمة، وكأني أسمع وقع الأقدام وأنا أمسك بيد أمي وأحمل سجادتنا التي تسع كلينا ، رمضان ليس شهرًا ، فهو كائن حي يزورنا في كل عام ، ويكون شابًا في أول أيامه ويودعنا وهو شيخ كبير ، هذا ما كان يوحيه إلى قول والدي حين يقترب رحيله : (شوفوا رمضان صار شايب وشايل عفشه مودعنا) ويختم بقوله : (إييييه ياعالم على من يعود )
ما أوفاك للراحلين يا رمضان !
_________________________________________
المحتوى أعلاه يتم نشره عبر حسابات المجلة ادناه تفضلوا بالمتابعة :
تويتر :
فيسبوك :
سناب شات :
https://www.snapchat.com/add/shababeksglob19
قناة شبابيك :
https://www.youtube.com/channel/UCZbfRIHzi1WyP3_7lHfc0ag
لمزيد من الأخبار المنوعة الدخول : http://www.shababeks.com